في وقت سابق، تزامن شهر رمضان مع ارتفاع في درجات الحرارة، استغل بعض الشباب والعائلات السكيكدية الفرصة للاستمتاع بأجواء البحر، مع غروب الشمس، والسهر، وحتى السباحة حتى في وقت متأخر من الليل.
الإفطار على شاطئ البحر ممارسة تستهوي، أكثر فأكثر سكان البلديات الساحلية الذين يرتادون، كبارا وصغارا، العديد من شواطئ سكيكدة لتناول وجبة الإفطار بالقرب من أمواج البحر، وعلى الرمال الذهبية، بعيدا عن صخب المدينة.
تكرست هذه العادة لدى بعض السكيكديين، للاستمتاع بسحر غروب الشمس، ويقصد العديد من الأسر والعائلات والأفراد الشاطئ سويعات قبل موعد الإفطار وهم يحملون ما أعدوه من أطباق متنوعة، ولا يغادرون البحر إلا في ساعة متأخرة من الليل.
ويرجح ان عادة الإفطار على الشاطئ أوّل من سنّها هم الصيادون الذين يقصدون الشاطئ لممارسة متعتهم بصيد السمك بسناراتهم، ويأخذون معهم ما أمكن من الوجبات الخفيفة لغرض الإفطار عندما يدركهم أذان المغرب، لتتكرس هذه العادة وتتحول الشواطئ القريبة من وسط المدينة الى مقصد السكان للإفطار، لاسيما عندما يتزامن الشهر الفضيل مع الحرارة.
شاطئ «سطورة» قبلة الصائمين
كانت أغلب العائلات السكيكدية فيما مضى تفضل إمضاء ليالي رمضان في سهرات عائلية أو زيارة الأقارب فقط، لكن، خلال السنوات الأخيرة، بات السمر في شواطئ البحر مع تناول وجبة الإفطار، وأغلب الشواطئ القريبة من السكان والآمنة، تشهد إقبال العديد من العائلات قبل ساعة أو ساعتين من موعد الإفطار، كلٌّ يحمل تجهيزات المائدة، للالتقاء مع الأقارب أو الأصدقاء.
وأصبح الإفطار على شاطئ البحر عادة تجذب سكان الأحياء القريبة، لاسيما مع تزامن يوميات الشهر الكريم مع ارتفاع درجة الحرارة، لتتغيّر عادات بعض العائلات السكيكدية التي أصبحت تفضل تناول وجبات الإفطار خارج البيت.
على رمال الشاطئ الذهبية تجتمع العائلات حول مائدة الإفطار التي تتزيّن بأصناف الطعام الشهي، أين نزلت «الشعب» الى شاطئ «سطورة» حيث أفصح رب عائلة من ثلاثة أبناء « قصدنا شاطئ سطورة لتناول وجبة الإفطار، في يوم العطلة الأسبوعية خارج المنزل، واخترنا الشاطئ لننعم بالهدوء وحتى يتمكن الأطفال من اللعب بكل حرية».
كما يفضل آخرون الخروج برفقة أصدقائهم أيضا، وحسب حسين، يبلغ من العمر 23 سنة،» الإفطار على الشاطئ لا يختلف عن الإفطار في البيت، فأطباق رمضان كلها حاضرة من «الجاري»، «البوراك» وتمر، وحلويات مختلفة، وسلطات، وبيتزا، والفرق الوحيد بحسب محدثنا هو كسر الروتين اليومي»، و»والكل يشارك في إعداد مائدة الطعام، الأمر الذي يضفي على الأجواء حميمية كبيرة، لاسيما وان جو الشاطئ مهدّئ ومناسب للاسترخاء». وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي» فايسبوك»، إلى ألبوم صور إعداد وجبة الفطور أو تناولها في الشاطئ، التي لقيت تجاوبا وإقبالا من الشباب.
ضيوف من ولايات داخلية
شهدت الأيام الماضية تنظيم افطار جماعي لعدة عائلات في هذا الشاطئ وشواطئ أخرى كالعربي بن مهيدي، وبمدينة القل، وعلى غرار باقي أيام الأسبوع تشهد معظم شواطئ سكيكدة، قدوم العديد من العائلات والشباب، ومن ولايات مجاورة، لتنظيم أنفسهم في شكل جماعات صغيرة والالتفاف على طاولة تحمل ما لذ وطاب من أكلات ومشروبات وحلويات في جو جميل على صوت أمواج البحر.
خلال السنوات القليلة الماضية، بدأ سكان الولايات الداخلية المجاورة، وبالأخص سكان ولاية قسنطينة تناول وجبة الإفطار على شواطئ البحر، ولكن هذه الظاهرة انتشرت بقوة العام الجاري، وباتت من أبرز مظاهر استقبال الشهر الكريم.
أحد المواطنين من قسنطينة، جاء مع أسرته قال: «المكان آمن وقريب من مقر الشرطة، لذلك استمتع خلال تناول الإفطار بالطقس المعتدل ومتابعة لحظات الغروب، وهذا بعد شراء «البيتزا» و «الحلويات» المعروفة بمدينة سكيكدة.
ويوضح مواطن آخر في حديثه لـ»الشعب» أنه يحرص على شراء «حلويات الفراولة من عند «قرقاط» الشهير، وتناول الإفطار مع أسرته على شاطئ البحر مرة كل نهاية أسبوع لكسر الروتين اليومي في المنزل.
واختار احمد الإفطار على رماله الناعمة بأغلب ليالي رمضان، يقول هذا الأخير، إنّه مع بعض أفراد عائلته يبادرون للإفطار على هذا الشاطئ، لاسيما أنّ الطقس ربيعي يشجّع على السهر خارج البيت، يضيف احمد، أنّ أغلبهم يحملون بعض الأطباق من الأكل الذي أعدوه في البيوت، ولا يبقى على شاطئ البحر سوى تحضير بعض المشاوي وطاولة الأكل. ويشير سمير إلى أنّ المكان يعرف إقبال العديد من العائلات وحتى الأصدقاء لاسيما نهاية الأسبوع، وفي الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان، التي تزداد فيها الحركة ليلاً، ومن بينهم من يبقى فقط خلال ساعة الإفطار وينتقل بعدها لقضاء الليلة في مكان آخر، ومن بينهم من يفضل البقاء حتى بعد منتصف الليل.
نفايات وبقايا وجبات
مع تحوّل تناول وجبة الإفطار في شهر رمضان المبارك على شاطئ البحر، عادة لا يستغني عنها بعض سكان روسيكادا، إلا أنها أصبحت تشكل مشكلا حقيقيا لرواد حماية البيئة، نظرا لما تخلفه من نفايات كل يوم طيلة أيام الشهر الفضيل.
بما أن شواطئ سكيكدة وبالأخص سطورة، أصبحت تستقبل مئات الراغبين في الاستمتاع بالمنظر، إلا أنه يؤكد أنه بعد الإفطار وأثناء مغادرتهم يصبح الشاطئ مليئا بالنفايات البلاستيكية وبقايا الطعام.
أحد المواطنين، مهتم بالبيئة يطالب قاصدي الشواطئ تفادي ترك النفايات وبقايا الطعام، ناصحا بوضعها في الأماكن المخصصة لذلك، حتى يتسنى لعمال النظافة جمعها والتخلص منها، ويضيف «لا بد من الجمعيات المهتمة بالبيئة توعية قاصدي الشواطئ بضرورة الحفاظ على البيئة والشواطئ، خاصة في الشهر الفضيل».
«سطـورة» متنفّـس للعائلات
على صعيد آخر، تعرف «المارينا « حركية غير عادية خلال السهرات الرمضانية، حيث تحوّلت إلى قبلة للعائلات من مختلف أحياء المدينة، انتهازا لفرصة التنزه والاستمتاع بنسيم البحر، فبعد أن تتناول العائلات وجبة الإفطار وانتهاء المصلين من أداء صلاتي العشاء والتراويح، تدب الحركة على مستوى الميناء شيئا فشيئا، حيث تتوافد عشرات العائلات من مختلف المناطق، أين يتراءى للزائر الوفود البشرية التي تجوب مختلف أماكن الميناء مشيا على الأقدام، والتمتع بنسمات البحر وروعة المكان تنسيهم جزءا كبيرا من الضغوطات اليومية، وتلجأ بعض العائلات لتناول المثلجات والمرطبات أو الشاي والمكسرات في المقاهي والمطاعم الموجودة بالميناء، بالرغم من بعض النقائص التي تتكرر كل موسم، علما ان هذا الصرح يمكن أن يتحول إلى قبلة سياحية وعائلية.
ويشهد كورنيش سطورة في رمضان توافدا غفيرا للعائلات ليلا، لقضاء السهرات في أجواء مريحة، فأكثر مكان يشهد الازدحام هو ميناء الترفيه، الذي يعجّ بالمواطنين، حيث لا يتسنى لبعضهم إيجاد مكان للجلوس، وقد وجدت العائلات السكيكدية وأخرى من مناطق مجاورة في هذا المكان متنفسا مع افتقاره لبعض المرافق الخدماتية.
والعديد من العائلات تتوجه إلى ميناء الترفيه، أما العائلات الأخرى فتفضّل المشي على طول الكورنيش الممتد من الشاطئ الأخضر إلى غاية شاطئ سطورة على مسافة 3 كلم للاستمتاع بمنظر أمواج البحر، والجلوس بين الحين والآخر على الحائط الذي يفصل الصخور عن الرصيف، وتحتوي هذه المنطقة الخلاّبة على شواطئ رملية ناعمة.