للمرة الثانية على التوالي

تدابير الحجر «تضيّق» على تقاليد رأس السنة الهجرية

استطلاع: فتيحة كلواز

بسبب الجائحة الاحتفالات تقتصر على الأسرة الصغيرة

تتزامن رأس السنة الهجرية للمرة الثانية مع فرض تدابير مشدّدة للحجر المنزلي بعد ارتفاع منحنى الإصابات الجديدة، وبالرغم من جائحة كورونا يحاول الجزائريون الاحتفال بهذه المناسبة الدينية بمختلف العادات والتقاليد التي تميزها، لكن وبسبب التباعد الاجتماعي فّضل الكثير منهم اقتصار الاحتفال على الأسرة الصغيرة فقط.
اتفق المواطنون حول ضرورة التقيد بالإجراءات والتدابير الوقائية المتعلقة بالحجر الصحي لتفادي عودة الإصابات الى الارتفاع، خاصة وأنها في الأيام الأخيرة تعرف استقرارا في معدلها اليومي.

احتفال لتجاوز الألم
«بعد أن فقدت والداي الأسبوع الماضي بعد اصابتهما بكورونا، لم يبق لي سوى التزام بيتي واسرتي، اما الاحتفال براس السنة الهجرية فلن يكون ممكنا بعد إصابة اخوتي بالعدوى»، هكذا ردت كريمة ـ ب، 40 سنة عن سؤال «الشعب»، واستطردت تقول: «في كل يوم أستيقظ فيه أشعر بالذنب لأنني من ألحق الأذى بعائلتي، فعند إصابتي وزجي بالسلالة المتحورة دالتا، حرصت والدتي على تحضير الطعام وارساله لي، لكن بعد تعافي أصيبت هي وابي واخوتي بالوباء، وبعد أسبوع واحد من اجرائهم الاختبار توفيت امي وبعدها ابي واليوم ندعو الله ألا يلحقهما اختاي وأخي».
وأضافت كريمة قائلة: «حقيقة أن رأس السنة الهجرية له من العادات والتقاليد ما يجعل منه مناسبة ذات مكانة في المجتمع الجزائري، لكن وعلى اعتبار أن اغلبها ترتكز على اجتماع العائلة الكبيرة حول مائدة العشاء، أصبح من الضروري التفكير في طريقة أخرى للاحتفال خاصة ونحن نعيش موجة ثالثة صنعت أحزان الكثير من العائلات، بل افقدتها حتى لذة اللقاء في جو عائلي حميمي».
أما خالتي دوجة تركي فترى أن الاحتفال براس السنة الهجرية فقد الكثير من تفاصيله بسبب جائحة كورونا التي مسّت أغلب العائلات في موجتها الثالثة، لذلك يقتصر الاحتفال بالنسبة لها هذه السنة على تحضير طبق «الرشتة» وكذا شراء المكسرات والحلويات ومختلف التشكيلات للشيكولاطة و»النوقة» من أجل تحضير «الدراس» أو «التريز» من أجل رميه على أصغر طفل في العائلة بعد وضعه داخل الـ»الجفنة» تفاؤلا بسنة هجرية يسود فيها الأمن والسلام.
وأكدت في حديثا إلى «الشعب» أن معظم العائلات العريقة تحرص على العادات والتقاليد التي تميز احتفالات راس السنة الهجرية لأنها تمثل بعدا مهما من الهوية الجزائرية، ولارتباطها الوثيق بسيرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فتراها تحضر كل ما لذّ وطاب لليلة الأول من محرم، ففي تلمسان تحرص النسوة على تحضير طبق «الرقاق بالدجاج» و»المسمن بالعسل» وقبلا تحضر بعض الحلويات التقليدية مثل القريوش والبقلاوة ومقروط اللوز.
وأوضحت أن الكثير من العائلات أيضا تحرص على توزيع وجبة العشاء على الفقراء والمحتاجين من أجل بداية السنة الهجرية بفعل الخير، لكن نظرا للوضع الصحي يفقد احتفال هذه السنة «لمة العائلة» التي كانت وما زالت أهم ما يميز المناسبات الدينية بسبب الوضع الوبائي، وكذا الحزن الذي تشعر به الكثير من العائلات بسبب وفاة أحد أفرادها بالفيروس».

 التباعد يفرض نفسه بقوة
يلاحظ المتجوّل في الأسواق الشعبية بالعاصمة اقبالا ضعيفا مقارنة بالسنوات الماضية على شراء كل ما يميز احتفالات راس السنة الهجرية، حيث قال إسماعيل بائع مستلزمات الحلويات بـالمنظر الجميل: «بسبب تدابير الحجر المنزلي وشراسة السلالة المتحورة «دالتا» تراجع الجزائري عن الاحتفال براس السنة الهجرية وان كان اختار العكس واحتفل به، فإنه سيكون في إطار ضيق أي يقتصر على الأسرة الصغيرة فقط، خوفا من العدوى، فالألم الذي ألم بالعائلات الجزائرية جعلها تعيد النظر في تعاملها مع الإجراءات الوقائية خاصة التباعد الاجتماعي».
وأكد إسماعيل في حديثه مع «الشعب» أن الاقبال على شراء المكسرات لتحضير «التريز» انخفض بشكل ملحوظ، لأنها من العادات التي تتطلب وجود جميع افراد العائلة من اكبرها الى أصغرها، فالجدة أو الأكبر سنا في العائلة يضع اصغر فرد في «الجفنة» ليرمي عليه «التريز» الذي يتكون من المكسرات كالجوز واللوز والفول السوداني وكذا الحلويات والشوكولاتة والعلكة، وبعد رميها على الصغير يتمّ توزيعها على الحاضرين، لذلك وبسبب إجراءات التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي المفروض من الساعة الثامنة مساء إلى السادسة صباحا، أصبح القيام بهذه العادة مستحيلا».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024