الرقم الذي أعطته الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة عشية الاحتفالية بعيدها العالمي جدير بالتوقف عنده وإعطائه حقه من التحليل والرؤى والبعد. الرقم 400 اخطار عن حالات المساس بحقوق الطفل المسجلة عبر الخط الأخضر منذ إقامته هذا العام يثبت بالدليل القاطع مدى الاهتمام والعناية بالبراءة.ويؤكد مدى تجاوب المواطن مع هذه الآلية تنفيذا للسياسة الوطنية وغاياتها من اجل تهيئة المناخ لرعاية طفولة تستدعي التكفل بها اليوم والغد.
يكفي التذكير بالنصوص التشريعية التي صدرت في هذا الشأن للتأكد مدى التزام الجزائر بالمواثيق الدولية وحرصها الدؤوب على حماية هذه الفئة الهشة التي تتعرض لأخطر التهديدات واكبر الانتهاكات لا يمكن تركها تمر مرور الكرام او إغماض الأعين عنها تطبيقا للقاعدة السلبية «تخطي راسي».
على هذا الأساس جاءت المادة 02 من القانون رقم 12-15 المؤرخ في 15 جويلية 2015 حاملة لأدق التفاصيل عن حماية البراءة رافضة ترك أي فجوة أو اختلال.جاءت المادة مفصلة تضع الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها. وقد عرفت في هذا الشأن الأخطار المحدقة بالطفل وكيفية معالجتها او المساس بها تحت أية حجة وعذر.
نصت المادة مثلما ركزت عليه الهيئة الوطنية المعنية بهذا الاختصاص، ان الطفل في خطر هو الذي تكون «صحته أو أخلاقه أو تربيته أو أمنه في خطر أو عرضة له, أو تكون ظروفه المعيشية أو سلوكه من شأنها أن يعرضاه للخطر المحتمل أو المضر بمستقبله أو يكون في بيئة تعرض سلامته البدنية أو النفسية أو التربوية للخطر».
من هنا تظهر للملأ كيف هي مهمة حماية الطفولة .وكم هو ثقل المسؤولية الملقاة على أكثر من طرف أو هيئة. وتؤكد الحاجة الملحة إلى أن حماية الطفولة هي اكبر من إن تتولاها هيئة أو وزارة بل هي مسؤولية مشتركة تقتضي تكاتف الجهود وتقاسم المهام.
أول خطوة في حماية الطفولة تتولاها الأسرة التي تستدعي بدورها المرافقة للتكفل بالأبناء وتلبية احتياجاتهم المعيشية، التعليمة وإحاطتهم بالرعاية الكفيلة لهم باستكمال الدراسة والحيلولة دون حدوث تسربهم المدرسي والسقوط في مستنقع الانحراف والآفات الاجتماعية. وبعد الأسرة تأتي المدرسة والمحيط والمجتمع واليات اخرى تحرص على توفير المجال لبيئة سليمة ضرورية لنمو براءة وحمايتها من أي افكار تطرف او جرائم الكترونية وما اكثرها في زمن عولمة الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي.
انها مسالة ما انفك رئيس الجمهورية يرافع من اجلها مؤكدا في اكثر من مناسبة عدم التسامح مع أي مساس بحقوق الطفولة الجزائرية التي انشئت لها هيئة تتولى هذه المهمة بمسؤولية وتحد غايتها تجسيد مخطط العمل الوطني بأمانة مقسمة ان هذا التحدي يجب رفعه مهما كان الثمن.