عادت الانقطاعات المتكرّرة للتزود بالمياه الصالحة للشرب الى البعض من ولايات الجنوب استنادا الى مراسلينا في عين المكان الذين سجّلوا تنامي هذه الظاهرة بشكل ملحوظ خلال البوادر الأولى لاشتداد الحرارة في هذه المناطق، خاصة تلك الآهلة بالسكان التي تتطلب أن يكون الماء حاضرا وجاهزا لاستعمالاته المعروفة لا داعي الخوض في بديهياتها.
وهذه الندرة وبفعل إطالة عمرها يشعر فعلا المواطن بحدتها وتأثيراتها المباشرة على حياته اليومية، تجعله دائما في حالة نفسية لا يمكن وصفها وضمنيا توحي لنا بأن حقا هناك خللا في تسوية ملف المياه بالجنوب يستدعي اعادة فتحه من جديد ووضعه على بساط الدراسة والبحث.
وإلا كيف يفسر غياب الالتزام في بقاء الحنفيات جافة تنتظر تلك القطرات بفارغ الصبر؟ لا ينكر أحد الاستثمارات الضخمة المقامة من قبل السلطات العمومية ونظيرتها المحلية في هذا القطاع قصد التحكم في منظومة المياه المتوفرة، والأمثلة لا تعد ولا تحصى منها بالأخص نقل تلك المادة الحيوية من عين صالح الى تمنراست على مسافة خيالية وفي وسط جيولوجي وعر يستحيل التعامل معه لولا تلك الارادة التي لا تقهر.
والخلل المشار إليه سلفا ليس مرتبطا بالنوايا المتوجهة الى السعي نحو إدراج المياه كأولوية ملحة في هذه الولايات، بدليل تلك البرامج المعدة والأجهزة المخصصة وانما التشخيص المسلّم به لأول وهلة هو التمادي في نفس المشكل القائم وعودته في كل مرة الى السطح، دون ايجاد له الحلول الجذرية التي تمنع ظهوره مرة أخرى.
وهذا هو الأمر الذي لم تنتبه اليه الجهات المكلفة بادارة شؤون المياه بالجنوب، ونعني أنها لم تسو المشكل بصفة دائمة وانما طغى عليه الطابع المتسرع في التكفل به، لكنه يبقى يراوح مكانه ويدور في حلقة مفرغة مما يؤدي الى الحاق الضرر المستقبلي بأي عمل في هذا الشأن.
لذلك فإنّ الانشغال الذي يستدعي متابعته خلال الآونة القادمة على ضوء الوضعية الراهنة في قطاع المياه بالجنوب، هو التفكير مليا في الكيفية التي يتم بها التحكم الدائم في تزود الساكنة بالمياه لتفادي الأداء المؤقت الدائم، الذي مازال ساري المفعول الى غاية يومنا هذا، وأحدث كل هذا المشهد الذي يأمل مواطنو الجنوب أن تقوم الجهات المسوولة عن المياه تغييره باتجاه الفعل الايجابي.