تحرص الجزائر على تعميق التعاون مع منظمة العمل الدولية من اجل تقاسم الخبرات وتوسيع نطاق الشراكة لفائدة بلدان القارة الإفريقية المغرب العربي التي تراهن على رصيد التجربة الجزائرية في تكريس الحوار الاجتماعي والحماية الاجتماعية; وهو ما أثمرته نتائج برنامج التعاون جنوب- جنوب الذي احتضنت ندوته الختامية المدرسة العليا للضمان الاجتماعي; باعتبارها حاضنة لروابط التضامن والانفتاح الإقليمي لفائدة التنمية المستدامة في ظل مناخ الاستقرار الذي يشجع على الاستثمار والتبادل المنتج للقيمة المضافة. ان العلاقات بين الجزائر ومنظمة العمل الدولية ليست وليدة اليوم وإنما تعود إلى أكثر من نصف قرن حملت رصيدا من المبادلات والتنسيق وتركيب مشاريع تتمحور حول تطلعات بلدان الجنوب، سعيا لإدراك عجلة النمو في ظل عولمة اقتصادية تؤسس لفوارق لا يمكن للمجموعة الدولية أن تتحملها ومن ثمة لا بديل عن العمل المشترك لمرافقة مسار الاستثمار الجواري والشراكة الناجعة، من خلال تثبيت آليات الحوار المستمر والتنسيق الذي يسمح ببروز طاقات خلاقة وتجسيد مشاريع ملموسة تستوعب الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية في إطار برنامج التعاون جنوب- جنوب. وفي هذا الإطار، موّلت الجزائر هذا البرنامج الموّقع في 14 أكتوبر 2015 وتمخض عنه تنظيم 23 ورشة إقليمية لفائدة 26 بلدا إفريقيا و12 منظمة نقابية إلى جانب إمضاء 4 اتفاقيات ثنائية للتعاون حول تطوير وتعزيز القدرات وتقاسم الخبرات بخصوص الحوار الاجتماعي والحماية الاجتماعية التي تتوفر فيها الجزائر على رصيد نوعي، كما يعكسه عالم الشغل، ويمكن لمنظمة العمل الدولية الاعتماد عليه في تمكين بلدان عديدة من جهات مختلفة من جنوب العالم للاستفادة منه من خلال توسيع نطاق التكوين والتأهيل، حتى يصبح الحوار والحماية الاجتماعية مكسبا قاريا وإقليميا يتطابق تماما مع أهداف الاتحاد الإفريقي المتعلقة بالتنمية المستدامة وينسج مع توّجهات الأمم المتحدة لإرساء التنمية الجوارية. لذلك وخلافا لما ذهبت إليه بعض التحاليل لا يوجد أي خلاف مع منظمة العمل الدولية، وهو ما أكده وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، موضحا أن كل ما في الأمر أن لجنة تطبيق المعايير الدولية لم تبد مراعاة في استنتاجاتها لتشريع وتنظيم العمل وبالأخص النتائج المحققة في مجالي الحوار والحماية الاجتماعيين في وقت يرسم فيه مشهد عالم الشغل تقدما واضحا في هذا الشأن تؤكده التعددية وجملة المكاسب الاجتماعية التي لا يمكن القفز عليها. ولعلّ من بين الضمانات التي تؤكد ذلك تكريس تلك المبادئ في الدستور الجزائري إلى جانب الرصيد المتميز الذي حققته آليات الحوار الاجتماعي المختلفة، خاصة الثلاثية في ظل مناخ واسع يستوعب المنظمات النقابية القطاعية ومنابر التعبير الحرة وكل ما يندرج في خانة الحقوق الاجتماعية وأبرزها التغطية الشاملة بواسطة أنظمة الحماية الاجتماعية المختلفة وآليات التشغيل التي تواصل في تأمين خدماتها رغم صعوبات الظرف المالي، ما يؤكد أن الجانب الاجتماعي في عالم الشغل أخد ثوابت الدولة الجزائرية ويرافق كافة مراحل الإصلاحات.