وضعت قمة الاتحاد الافريقي بنواقشوط مكافحة الفساد في صدارة الملفات والقضايا محل المعالجة في محيط دولي مضطرب وتهديدات تأخذ إشكالا وصورا تفرض مواجهتها بقرار مستقل أني ورؤية استشرافية لا تقبل املاءات الآخر ووصفاته.
انه الخطاب السياسي المتداول لدى قادة الاتحاد الإفريقي ورؤسائه الذين يعكفون في العاصمة الموريتانية على علاج تعقيدات القارة وأزماتها المعقدة باستقلالية قرار وسيادية رؤى متأنية تأخذ في الاعتبار تجارب مضت ،دروس حفظت ومرجعيات تعد من الثوابت في القمم المتعاقبة لا تقبل أي تنازل ومساومة.
«كسب معركة الفساد.. نهج مستدام نحو تحول افريقيا» الشعار المرفوع ، يستجيب للمسار الذي يأخذه القادة الأفارقة الغيورون على استقلالية القرار ، المدركون دوما وابدا لحتمية الاعتماد على الذات في تسوية أزمات ساخنة وباردة لا تقبل الانتظار.
سبق للقادة ان أكدوا في اكثر من مرة على هذا النهج الذي تضمنه ميتاق تأسيس الاتحاد الافريقي ومواثيق المنظمة الإفريقية منذ عهود غابرة. وهو ميثاق وان عرف تحديثا وتغييرا في بعض البنود تجاوبا وتغيرات الظرف ومتطلبات المرحلة فانه يحمل الثبات لقارة ظلت على الدوام تقاوم رياح التحدي وتعقيدات المحيط الجيو استراتيجي وتتمسك بخيارها ونظرتها بعمل مشترك.
على هذا الدرب تسير القارة السمراء. وعلى هذا المنوال تتخذ التدابير والخيارات في مواجهة قضية تهزها هزا وتشغل بالها على الدوام.
وقد سبق للجزائر التي رافعت منذ اكثر من عقد بإصلاح الاتحاد الافريقي وطالبت تزويده باجهزة واليات تمكن ترتيب البيت المشترك وتؤمنه من العواصف الخارجية والتحديات، ان دعت الى التكفل العاجل بتطهير القارة السمراء من كوابس ازمات ونزاعات من شانها تعزز الأمن والسلام.
ذكرت الجزائر من اعلى منبر الاتحاد الافريقي بان القارة السمراء لا يمكنها الانطلاق بالسرعة المطلوبة والحرية اذا لم تتحرر من ثقل ازمات وتسوي قضايا شائكة تطرح في كل دورة وقمة ولا تجد العزيمة القوية والإرادة الراسخة في العلاج..من هذه القضايا بطبيعة الحال ملف الفساد الذي يعود من جديد ويفرض نفسه في قمة نواقشوط يومي الاول وثاني جويلية الجاري.
ليس بمفاجأة اذا ان تهتم قمة نواقشوط بهذا الملف الشائك المعقد الذي تتحدث تقارير افريقية وغير افريقية انه يكلف القارة 50 مليار دولار سنويا كان من الأجدر توظيفها في البناء والانماء.كان من الافيد توظيف هذه الأموال الضخمة في ميزانية القارة واستعمالها عند الشدائد دون الحاجة الملحة لمساعدات الخارج التي تأتي في كل مرة مرافقة باملاءات ومساومات قد ترهن السيادة وتبقى على دول القارة في تبعية يصعب التخلص منه.
من هذه الزاوية نفهم لماذا الاهتمام المفرط بمكافحة الفساد الذي يهز العالم والقارة السمراء على وجه التحديد.وكيف السبيل الى اعتماد آليات تطهر القارة من هذه الآفة وتعزز قدراتها باليات واجهزة واستراتيجيات منها المخططات التنموية الوطنية لأجندة 2063 التي اعتمدت للتجسيد وليس الابقاء عليها مجرد حلم وشعار للتباهي والافتخار.