كلفة التردّد!

سعيد بن عياد
23 جوان 2018

لا تزال الطاقة بمثابة حجر الزاوية في النسيج الاقتصادي، ولذلك تشرئب الأعناق من كافة الشركاء إلى اجتماعات منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبيب» لمعرفة التطورات والتي كانت آخرها تشكل اتفاق للرفع من حجم الإنتاج بمعدل يستجيب لتوجهات أطراف السوق. وإذا كانت هناك بوادر استمرار مناخ الاستقرار وفقا للظرف الراهن المتسم بعودة التعافي لأسعار برميل النفط حول معدل 75 دولار، ما يلبي احتياجات المنتجين والمستهلكين، فإن قراءة المؤشرات العالمية من زاوية محلية تستدعي الحذر من عودة الارتباط المطلق بإيرادات المحروقات تحت وقع الصدى الايجابي للسوق النفطية. حقيقة تبقى الثروة النفطية المصدر الهام لموارد الجزائر من العملة الصعبة، ولذلك لا تدخر جهدا في ترميم التوافق الدولي داخل منظمة «أوبيب» وخارجها من خلال تنشيط حوار شامل وصريح ينطلق من المصلحة المشتركة والمسؤولية في تأمين الإمدادات بانتظام لمختلف الأسواق العالمية. غير أن التطورات السريعة والتهديدات التي تلوح في الأفق بفعل تأكد اتجاه العالم نحو مرحلة تحول طاقوي عميقة تفرض التزام اليقظة في رصد المؤشرات وتحليل المعطيات تفاديا لأي طارئ قد يبرز بشكل مباغت في صدارة المشهد فتضيع الفرص. وتحسبا لمثل الصدمة التي حصلت في جوان 2014، حينما انهارت أسعار برميل النفط بشكل عنيف ينبغي الحرص على مواصلة بناء مسار الانتقال الطاقوي بالمنهجية التي تمزج بين الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، ويتطلّب رفع هذا التحدي وفقا لفلسفة وطنية تستمد مبادئها من المرجعية التي تقوم عليها الدولة الوطنية وعنوانها البارز الدعم الاجتماعي، الذي يستوجب معالجة ذكية ومسؤولة تتجاوز بكثير رؤية بيروقراطية جاهزة. المشكلة اليوم من يقود هذا المسار الذي يكتسي الطابع الاستراتيجي، ولأن العلاج يكمن في الداء نفسه، فإن التخلص من التبعية المفرطة للمحروقات التقليدية لن يكون سوى عن طريق القطاع ذاته، وذلك من خلال الدور الذي تتكفّل به شركة سوناطراك، التي شرعت في إعادة الانتشار محليا وعالميا من خلال خاصة اقتناء محطة تكرير وإبرام عقود استثمار في البتروكيمياء، وذلك باعتبارها القاطرة المتينة التي تشقّ هذا الطريق الصعب بإشراك كل الفاعلين الذين لديهم نفس القناعة وهو ما يرتقب أن يتبلور خلال الندوة التي كانت مبرمجة هذا الصيف قبل تأخيرها للدخول الاجتماعي القادم، بهدف صياغة ورقة طريق متكاملة ودقيقة ترسم المعالم المستقبلية للاقتصاد الوطني في ظلّ التحوّلات الطاقوية وفقا لقواعد صارمة تخضع للتدقيق المحاسبي ومكافحة الفساد.  
إن اي تحول هادف وحتى يحقق أهدافه ينبغي أن ينجز في ظل انسجام وتبصر ولو بأضرار جانبية، بعيدا عن أي ارتجال أو انسياق وراء ضغوط حتى ولو كانت في شكل نصائح مثل التي تقيمها مؤسسات مالية دولية، وحينها تكون الكلفة مرهقة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024