يصنّف مشكل النقل في الجنوب ضمن الأولويات الملحة لدى المواطن، سواء بداخل الإطار الولائي أو باتجاه المدن الأخرى وهذا في غياب الوسائل زيادة على التسعيرة الخيالية، التي فعلا تحدّ أو بالأحرى تمنع التفكير في أي رحلة إلى الشمال أو مناطق أخرى حتى وإن كانت مجاورة لتلك الولايات.
وكلما فكّر، المواطن في الجنوب بأن له انشغال معين هنا وهناك، وبعيدا عن مقر سكانه، تجده في حالة نفسية صعبة يعد مخططا لا بداية ولا نهاية له.
كيف يذهب؟ وأين يبيت؟ وكم تكلفه تلك الرحلة؟.
إنها الأسئلة التي تتبادر إلى ذهنه كلما اضطر التوجّه إلى نقطة خارج ولايته، أما داخليا، فإن المشكل قد يخف أحيانا بحكم معرفته بالمنطقة وعلاقته بالوسط الذي يعيش فيه، قد لا يسبب له المتاعب لكن الأسعار تؤثر على معنوياته، لذلك يتفادى تلك التنقلات.
والكثير من الناس، يرفضون التنقل سواء في ضواحي الولاية أو خارجها، وهذا لأسباب مالية بحتة، ولعدم قدرتهم على دفع تكاليف الخرجة أو السفر، وفي مقابل لا يبقون مكتوفي الأيدي بل يبحثون عن حلول قصد تسوية قضياهم منها مطالبة أحد الأشخاص الذاهبين إلى تلك الجهات بنقل الوثائق أو أشياء أخرى، ناهيك عن أساليب أخرى مستعملة في هذا الشأن.
ويعود ذلك إلى شساعة تلك الولايات وبعد المسافة بين نقطة وأخرى، بالإضافة إلى ارتفاع التسعيرة بشكل غير متحكّم فيه ناجم عن أن هذه المهنة حرة ولا يمكن للإدارة التدخل فيها وانعدام المراقبة كلها عوامل تدخل في هذا الإطار والعمل في الجنوب هو بالسعر الجزافي المحدّد مسبقا قبل امتطاء السيارة أو وسيلة أخرى.
ومن خلال الملف الذي أمامنا نودّ أن نطرح هذا الملف على السلطات العمومية قصد الاطلاع على واقع النقل في الجنوب وهذا استنادا إلى تحري شبكة مراسلينا في خبايا وخفايا هذا القطاع الحسّاس، انطلاقا من آثاره على نفقات العائلات التي أصبحت لا تطيق تلك المصاريف إلى درجة اختيارها البقاء في منازلها بدلا من الوقوع في مزيد من التفكير حول مصادر تمويل تحركاتها إلى المسافات الطويلة.
والشغل الشاغل لكل متتبعي هذا المجال الحيوي، هو أن المعاينة الأولى تشير إلى انعدام التنظيم بالمفهوم الصارم الذي يستند إلى الوضوح والشفافية، فما يتعلّق بتحديد الاتجاهات والتسعيرة فعلى مستوى مسافة معتادة يفرض ثمنر باهظ جدّا يتجاوز ٦٠٠ دينار ذهابا وأخرى إيابا والعملية الحسابية بسيطة جدّا وينسحب هذا السعر على باقي الجهات الأخرى أما التفكير في الطائرة أو شيء من هذا القبيل فيتطلّب المزيد من الأضعاف في الدفع وستبرّر أكثر المؤشرات الواقعية لوضعية النقل في الجنوب من خلال ما يطرحه مراسلونا من عينات حية تستدعي المتابعة الميدانية.