أحيت الأمم المتحدة أمس الأول اليوم العالمي للاجئين في الوقت الذي تحولت فيه الظاهرة إلى واحدة من كبرى المعضلات التي تواجه المجتمع الدولي حيث بلغ عددهم أكثر من 60 مليون لاجئ عبر العالم مما يدعونا إلى التساؤل هل هذا راجع فقط للأسباب الموضوعية التقليدية المعروفة التي تقف وراء هذه الرقم المهول - الذي يساوي سكان دولتين مجتمعتين مثل الجزائر وتونس - كالحروب والمجاعات.. الخ أم أن هناك أسباب أخرى خفية تقف وراءها؟.
إن وجود شبكات إجرامية دولية و انتعاش نشاطها في مناطق عدة من العالم من بينها إفريقيا جنوب الصحراء و احكام قبضتها على وجهة تدفق المهاجرين و السيطرة على طرق ومسالك الهجرة العالمية يبدو كذلك من الأسباب الأكثر موضوعية التي تفسر هذا الرقم ، خاصة و أن هذا النشاط أصبح يدر ما يضاهي عائدات تهريب المخدرات و الأسلحة حيث بلغت العام الماضي 35 مليار دولار بينما احتل هذا النشاط المرتبة الثالثة عالميا بعد تهريب المخدرات والأسلحة ؟!.
لقد أنعش تهريب البشر نشاطات إجرامية رديفة مثل تجارة الأعضاء و الدعارة ومن أحسن من المهاجرين غير الشرعيين لاستعمالهم كوقود في هذا النشاط ؟ و أصبحوا يشكلون أكبر خزان لتزويد شبكات الاتجار بالأعضاء البشرية وشبكات الإرهاب والدعارة وخاصة الأطفال منهم على اعتبار انهم الفئة الأكثر هشاشة والأسهل للتجنيد والاستغلال.
أصبحت هذه الشبكات الإجرامية المتحالفة أحيانا مع وكالات استخبارية عالمية تمارس ضغوطا على الدول والحكومات لتثبيط مجهوداتها وإجراءاتها عبر توظيف وسائل الإعلام، شبكات التواصل الاجتماعي لتمرير خطابها بالإضافة إلى تقارير بعض المنظمات غير الحكومية التي تسقط أحيانا في الفخ وتجد نفسها تخدم بقصد أو بغيره أجندتها لا سيّما عندما يشتد الخناق عليها ويتقلص هامش تحركها.
إن الحملة التي طالت الجزائر الأشهر الأخيرة بخصوص تعاطيها مع المهاجرين غير الشرعيين - القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء- و اتهامها بتهجيرهم قسريا وغيرها من الادعاءات والأباطيل لا تخرج عن هذه الضغوط و المساومات و إلا كيف نفسر عدم خوض لا وسيلة إعلام واحدة ممن روجت لهذا الخطاب و لا منظمة غير حكومية في في عمق هذا المشكل ومحاولة تفسير الحملات المركزة لتهريب هؤلاء المهاجرين نحو الجزائر على يد تلك الشبكات الإجرامية و لا التطرق إلى ظروف نقلهم اللاانسانية التي لا تلاءم حتى نقل السلع والحيوانات ؟! بينما عندما يتم إعادة ضحايا تلك الجماعات الإجرامية إلى أهليهم وذويهم بالاتفاق مع حكوماتهم تحت حماية الشرطة الجزائرية وبمرافقة طبية ورعاية نفسية وتوفير كل الظروف الإنسانية لنقلهم يبدأ النباح على القافلة، أفليس هذا جيل جديد من الحرب؟!.