التعاونيات الثقافية.. أو بالأحرى التعاونيات المسرحية وبدرجة أقل السينمائية.. فاعل فرض نفسه في الساحة الثقافية، حتى صارت برامج المؤسسات لا تكاد تخلو من أعمال فنية أنتجتها هذه التعاونيات. مع ذلك يبقى الغموض والضبابية يسيطران على تنظيم عملها، وإذا كان هذا الشكل من النشاط موجودا قانونيا في قطاعات كالفلاحة، أو البناء، فإن مطابقة التعاونيات الثقافية مع قوانين الجمهورية يبقى محل استفهام.
إن مفهوم التعاونية ليس بجديد على المجتمع المدني، ونجده في مختلف المجالات، وهو مفهوم متداول على المستوى الدولي.
خصصت منظمة الأمم المتحدة سنة 2012 سنة دولية للتعاونيات، وتعرف المنظمة الدولية الجمعية التعاونية على أنها «جماعة مستقلة من الأشخاص يتّحِدون اختياريا لتلبية احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتطلعاتهم المشتركة، من خلال الملكية الجماعية لمشروع تتوافر فيه ديمقراطية الإدارة و الرقابة».. وتحدّد الأمم المتحدة سبع مبادئ للتعاونية عموما، وهي: العضوية الاختيارية المفتوحة، ديمقراطية الأعضاء الإدارية والرقابية، المشاركة الاقتصادية للأعضاء، الشخصية الذاتية المستقلة، التعليم والتدريب والمعلومات (تعليم وتدريب الأعضاء)، التعاون بين التعاونيات، والمبدأ السابع والأخير هو الاهتمام بشؤون المجتمع.
نتساءل هنا: ما دام هنالك رؤية واضحة على أعلى المستويات لمفهوم التعاونية، بما في ذلك الناشطة في مجال الثقافة، فإلى مدى نحترم هذه الرؤية؟ وهل تطبق تعاونياتنا المبادئ التي تنص عليها الأمم المتحدة؟
من المستفيد من الإطار الضبابي اللامستقر الذي تنشط التعاونيات الثقافية داخله؟ هل التعاونية جمعية غير ربحية أم مؤسسة تجارية ربحية أم مزيج بين الاثنين؟
وما دامت التعاونيات المسرحية والسينمائية ذات فائدة ويمكن أن تلعب دورا هاما في المشهد الثقافي الوطني، فلماذا لا يتمّ تسوية وضعيتها القانونية، وإيجاد صيغة لاعتمادها بشكل يجعلها أكثر جدوى وأكبر إنتاجية وأقدر على الإبداع؟
ولماذا فصل المشرع في مسألة تأسيس تعاونيات في عديد المجالات، ما عدا الثقافة؟
كلها أسئلة لا تنتظر مجرد إجابات شفهية، بل تدابير ملموسة على أرض الواقع، حتى لا تبقى التعاونيات الثقافية تُبحر في الضباب.