العبارة الخالدة

سعيد بن عياد
05 جوان 2018

«بلومي ماجر وزيدان معاهم..يا سلام»، هي العبارة الصرخة التي أطلقها الزميل الصحفي والمعلق الرياضي محمد صلاح بمناسبة تعليقه على مقابلة الجزائر ألمانيا في أولى مباريات الفريق الوطني ضمن نهائيات كاسي العالم 1982 بخيخون الاسبانية، وفاز فيها بنتيجة 2 مقابل 1، ليقلب الخضر القادمين من افريقيا والوطن العربي الطاولة على الماكينة الجرمانية بنجومها يومها فتبخرت أحلامهم وانكسر كبرياء شوماخر، بريتنر، رومينيغي، بريغل وروباش.
في تلك اللحظة التاريخية من حياة الشعب الجزائري وهو يتطلع لانجاز فريقه الوطني ملحمة تروى للأجيال، تصدّر صوت الإذاعي الرياضي صلاح المشهد الوطني بتميزه في نقل وقائع المقابلة عبر الأثير، فأبدع في التعبير الذي امتزجت فيه الكلمات مع المشاعر ولخص كل تلك القوة الكامنة التي فجرها المعلق في عبارته الشهيرة.
لا يمكن العودة إلى تفاصيل مقابلة بكل ذلك الثقل الرياضي المرتبط بتراكمات جياشة اختلطت بتطلعات شعب لا يقبل الانكسار، ويقبل مواجهة التحديات دون ذكر الراحل محمد صلاح باعتباره كان احد الموقعين الرياضيين لانجاز رائع قلّما يحصل في تاريخ الشعوب.
لم يكن تعليقا عاديا كما جرت العادة ولا تصنعا أو ركوبا لمجريات الأحداث، وإنما كان العمل، إضافة لكونه يدخل في إطار النشاط المهني، أكبر بكثير لينحت في ذاكرة الأمة بكونه رسالة تحمل معاني الارتباط بالوطن والتشبع بقيم الشعب الملتف حول هدف واحد هو أن لا يسقط الفريق الوطني ولم لا تحقيق الفوز وهو ما تحقق.
عبارة صدح بها بكل ذلك الإبداع والصدق والمحتوى وما يميزها من لحن بصوت قوي يخترق السمع جديرة بأن تحفظ لصاحبها في مكتبة حقوق المؤلف، وهو ما يمكن السعي من أجله لتكريس قيمة الوفاء وتخليد الأعمال، لما فيها من لمسة الرجل النابعة من الفؤاد، ولا تتكرر مرة أخرى بتلك الروعة، خاصة وأنها انسجمت وتناغمت وتناسقت من حيث الكلمات مع ما كان يجري على أرضية الميدان ليتطابق المشهد بين الواقع والكلمة.
كم هو جميل التذكير بالمناقب المهنية والإنسانية لمثل هذا الزميل الذي أعادته وقفة الاستذكار التي نظمتها يومية «الشعب» بالتعاون مع المنظمة الوطنية للصحافيين الجزائريين أمس، فتصدر المشهد بل لينقل الذين شاركوا في تقديم شهاداتهم عنه، من موقع التواجد على الهامش بحكم التقاعد أو نهاية الخدمة إلى صلب الصورة المكبرة للممارسة الصحفية الراقية.
ولعلّ ما تميز به من تواضع تطبعه أخلاق عالية، جدية مهنية تسقط أمامها كل الصعوبات، وانضباط تعكسه سلوكات راقية، كما أكده أكثر من متدخل على غرار فؤاد بن طالب، عيسى مدني، ساعد طرافي، احمد سوكو، محسن سليماني وآخربن من قدامى التلفزيون مثل بن وعدية، مراد بوطاجين الذي انهمرت دموعه وفنانين كالصادق بوجمعة، منحه كل ذلك التقدير المستحق عن جدارة كمهني حريص على جانب إتقان الأداء ولكن أيضا كانسان طبعته الابتسامة والنكتة فكان يبعث بين زملائه المرح لمزيد من العطاء للجمهور والمستمع.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024