كفى عبثا بالشرعية

فضيلة دفوس
05 جوان 2018

تجاوز عمر القضية الصحراوية أربعة عقود، دون أن تبزغ في الأفق نهاية للنفق المظلم، فالمغرب مازال متمسكا باحتلاله للإقليم الصحراوي ضاربا بقرارات الشرعية عرض الحائط، والصحراويون في المقابل مازالوا متمسكين بحقهم في تقرير المصير وفق ما تقرّه اللوائح والمواثيق الدولية، وبين الطرفين هناك جهات ثالثة تعمل على عرقلة الحلّ وإطالة عمر القضية بوقوفها إلى جانب الاحتلال مقابل مكاسب سياسية، وعطايا اقتصادية يضعها المغرب أمامها من خلال نهب ثروات الإقليم التي لا تنضب.
لقد بدأ النزاع الصحراوي منذ 43 عاما، ومرّ بعدة مراحل، انطلاقا من الكفاح المسلح ثم موافقة طرفي الأزمة على خطّة السلام الأممية ووقف إطلاق النار، مرورا بعقد مفاوضات مباشرة، ووصولا إلى مرحلة اللاّسلم واللاّحرب التي يسعى الاحتلال إلى إطالة أمدها قصد قتل القضية بالتقادم، لكن غاب عن المغرب الذي يستقوي بدول فاعلة تحمي ظهره في المحافل الدولية، وتدافع عن طروحاته الاحتلالية مقابل مشاركته نهب ثروات الإقليم المحتل، بأن سياسة الهروب إلى الأمام، ومحاولاته اليائسة تقديم نفسه على أنه صاحب حق، لن تجديه نفعا لأسباب عديدة، أهمها أن القرارات الأممية هي في غير صالحه، فالأمم المتحدّة نفسها أقرّت قبل أزيد من نصف قرن، بأن الصحراء الغربية إقليم ينطبق عليه مبدأ تقرير المصير ومن الضروري أن يخضع لتصفية الاستعمار، ثم جاء حكم محكمة العدل الدولية، الذي أنكر وجود أي روابط إقليمية بين المغرب والصحراء الغربية.
والمفارقة العجيبة أن المغرب نفسه وافق على خطة السلام التي طرحتها الأمم المتحدة عام 1988 والتي قضت بوقف إطلاق النار، والشروع في تحديد هوية الصحراويين المسموح لهم بالتصويت في استفتاء لتقرير المصير يختارون من خلاله بين الضم أو الاستقلال، ما يعني أن المغرب نفسه، اعترف في مرحلة زمنية بالحق الصحراوي في تقرير المصير، كما اعترف بالبوليساريو ممثلا شرعيا للشعب الصحراوي ودخل معها في مفاوضات مباشرة، وهذا وحده دليل على عدم أحقيته في الإقليم.
وإذا كانت شمس الحقيقة ساطعة لا يمكن للغربال المغربي أن يحجبها، فمن الضروري الجزم بأن غطرسة المغرب وتطاوله على الشرعية الدولية مستمدان في الأساس من الدعم والمساندة التي يتلقاهما من فرنسا وبدرجة أقل أمريكا، اللتان تقفان وراء الحل ّالثالث الذي يتشبث به الاحتلال المغربي وهو خيار الحكم الذاتي.
وفي الأخير، من المهم القول بأن عدالة القضية الصحراوية واضحة، واللوائح والقرارات كلها في صالحها، وإذا كانت بعض الدول تسدّ منافذ الشرعية، فمن واجب الأمم المتحدة أن لا تبقى مكفوفة الأيدي، وأن لا تكتفي في كل مرة بتمديد ولاية المينورسو، بل عليها أن تفعّل مهمة هذه البعثة وتجسّدها على أرض الواقع من خلال تمكين الصحراويين من حقهم في تقرير المصير، فكفى عبثا بالشرعية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024