حققت الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي مكاسب انعكست على التعاون الإقليمي بين ضفتي المتوسط وساهم الحوار البناء والشامل في تنمية مناخ الاستقرار الذي أعطى للحركية الاقتصادية نفسا قويا متجاوزة ما كان يمثل عراقيل أو معوقات سقطت أمام المبادرة باتجاه تعزيز مسار التعاون القائم على الثقة المتبادلة والمصالح المتوازنة.
ما حققته الجزائر على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ساهم كثيرا في تحسين مؤشرات الشراكة ضمن المنظور الدولي الجديد رغم كلفتها بالنسبة للجزائر التي تتحمل عبء الهجرة غير الشرعية من إفريقيا نحو أوروبا قناعة منها بالتضامن العالمي بين الشعوب كخيار ايجابي لصياغة نموذج يعيد تصحيح معادلة العولمة ويعمق من الانفراج في مواجهة أزمات دولية متعددة الجوانب أبرزها تراجع معدلات النمو تحت وقع الأزمة المالية العالمية.
غير أن الأطر التي يتوفر عليها الاتحاد الأوروبي كمنابر لنشر ثقافة التعايش وترقية الحوار تبدو أنها تحولت، كما سجل مؤخرا بمقر البرلمان الأوروبي، إلى منصات يستعملها أفراد لمهاجمة بلدان، كما تعرضت له الجزائر من خلال سلوك لا يتوافق مع طبيعة العلاقة النوعية التي تميز العلاقات بين الشريكين في وقت يحتاج فيه جسر الشراكة المتبادلة بكافة جوانبها السياسية والاقتصادية والثقافية للدعم والمرافقة في ضوء التوجهات التي تتأكد في كافة محطات الحوار القائم على الشفافية والمسؤولية.
كيف يعقل أن يستخدم أشخاص بمفردهم شعار منظمة لها ثقلها ومرجعيتها في المنظومة الدولية مثل الاتحاد الأوروبي لترويج مغالطات وبث ادعاءات تتعارض تماما مع المبادئ التي لطالما جعلت أوروبا في مركز يعطيها امتيازا لما تحرص عليه من حرية للتعبير والديمقراطية والإصغاء للرأي الأخر لكن بعيدا عن أي استعمال مغرض لمثل هذه القيم الإنسانية الراقية أو التخفي وراءها من اجل تحقيق أغراض غير معلنة أو تنفيذ مخطط غامض يحاول البعض تسويقه باستثمار غير نزيه في المجال الواسع لحرية التعبير والديمقراطية والرأي المخالف الذي يخيم على ذلك الفضاء، الذي لا يعقل أن يتحول إلى رواق يتسلل إليه أشخاص لتفجير عقد أو أداء دور غامض لخدمة مصالح قوى خفية ترى في الجزائر بلدا صاعدا ويستعصي النيل منه مهما كانت التحديات صعبة والشعارات براقة.
وما يثير التساؤل عمن وراء تلك المسرحية أن المفوضية الأوروبية أكدت مؤخرا بمناسبة انعقاد المجلس الحادي عشر للشراكة الإرادة القوية بين الطرفين وابرز تقرير ذو صلة الدور الكبير للجزائر في أكثر من مجال من مكافحة الإرهاب إلى التصدي للراديكالية وتحسن معدل النمو في ظل تعزيز مناخ الاستقرار والمحافظة على وتيرة التنمية المستدامة، وهي توجهات لا يمكن القفز عليها أو محاولة تغليط الرأي العام حولها في وقت تبرز في المشهد الوطني حقائق ماثلة للعيان.