أين تقضي العائلات في الجنوب السهرة ما بعد الإفطار؟ سؤال حمله مراسلونا في عينات من الولايات وفي هذه المناطق، بحثا عن إجابة وافية وشافية تبين ما مدى توفر تلك الفضاءات للتسلية والترفيه بعد يوم كامل من الصيام وللتخفيف من ضغط العمل، والوقوف لساعات بداخل المطبخ لإعداد ما لذّ وطاب من الأطباق، والتخلّص من الروتين المتكرّر بالبيوت.. وحتى لا يسرق منهم التلفزيون أو يحرمهم من قرار الخروج قصد التفسّح واستنشاق نسائم الهواء في صحرائنا الشاسعة.
اليوم نمط البناء في الجنوب لم يعد ذلك الذي تركه الأولون من طوب وسعفة وقنطاس وأعمدة أو تلك الساحة المعروفة بـ «الحوش» بمدخل البيت والغرف الكبيرة والسطح، كل هذا اختصر في سكن بجدران إسمنتية مغلقة لا تسمح بالتحرّك في ذلك الفضاء الهندسي كما يحلو للشخص، كلما وليت وجهك إلى جهة إلا وتردك على أعقابك أي العودة إلى الالتزام بمكانك لا تتحرك أكثر من مسافة محدّدة.
نقول هذا من باب النفسية الصحراوية للإنسان في الجنوب الذي يتوق دائما إلى فسحة مفتوحة على الأفق الممتدة في كيانه المعيشي، ولا يحتمل الصيغة المتبعة اليوم في البناء، ما عدا إذا كان ذلك بمبادرة منه، لمشروع خاص به، هنا يكون تصوره العمراني متقن بدقة متناهية حتى تكون العائلة في قمة السعادة.
لذلك، فإن ما هو خارج الإقامة الشخصية يجب أن يكون في مستوى الانشغلات ونقصد بذلك توفير المرافق المتعلّقة بالترويح عن النفس ونسيان التعب من خلال التوجه إلى الحدائق العمومية، أو الأماكن المعروفة، أو الخيمات المنصبة لاستقبال العائلات في جوّ مفعم بالحيوية والنشاط.
وتفهما لهذا الانشغال، سارعت السلطات المحلية إلى اتباع صيغة جديدة، في برامج المشاريع ذات المنفعة العامة أو الخدماتية وهذا بإدراج الفضاءات الترفيهية في مخططاتها لإعطاء للمدينة البعد الإنساني لترقية أكثر تلك العلاقة التكاملية بين البيت والمحيط.
لذلك، فإن الكثير من هذه الولايات تفطنت لذلك وأخذت تسير على هذا الدرب، من أجل إقامة نقاط معينة لتكون في خدمة العائلات والأصدقاء لقضاء سهرات في المستوى المطلوب وإن كانت قليلة غير أنها تعتبر بداية لمسار طويل في هذا المجال تخصص لاستقبال العائلات في إطار يحبذه الجميع.
ومن خلال مراسلينا في عين المكان، فإننا نحاول فتح هذا الملف وإثارته من باب الاطلاع على مدى التزام السلطات المحلية بهذا التوجه القائم على توفير أماكن الراحة للعائلات تدعم بكل مستلزمات التسلية، وهذا استثمار يسند في أغلب الأحيان إلى الخواص، كما هو الشأن في باقي الولايات الأخرى من ألعاب، ومأكولات وغيرها.
وهذه التجربة معمول بها في جنوبنا الكبير تتوجّه بالدرجة الأولى إلى الإنسان قصد توفير له المحيط اللائق والوسط المناسب.