الكثير من الدراسات والبحوث تذهب إلى الجزم أن الحروب المستقبلية سيكون محورها الماء وليس البترول ولا الثروات الأخرى كما نشهده اليوم، وبوادر هذه المواجهات قد بدأت تظهر ولابأس أن نذكر ما يحصل بين دول منبع ومصب نهر النيل أو بين تركيا والعراق وبين الكيان الصهيوني والأردن...وغيرها من البؤر المتعلقة بديمومة تدفق الماء الذي بدونه تتوقف الحياة وتنهار حضارات تأسست على ضفاف الانهار ومنابع المياه،فحضارة سبأ في مدينة لسد مأرب ويقال ان مصر هبة النيل.
الماء هو الأمن بمفهومه الشامل الذي يتعدى بكثير الأطر العسكرية والأمنية، فلا أمن ولا استقرار إذا غاب الماء أو شحت مصادره، ولا يقتصر الأمر عليهما فقط ولكن التنمية كذلك إذ لا يمكن تصورها، الصناعة والزراعة لا تكون إلا بالماء ولا نهضة بدونه، ولا ننسى أن الماء كان وراء اندثار وطمس حضارات وأقوام بأكملها مرة بالجفاف ومرة أخرى بالفيضانات والطوفان. إنّها قوة الماء الهائلة التي لا يمكن ترويضها إلى بالتحكم في ناصية التكنولوجيا، وعدم الإسراف في استعماله فديننا الحنيف علّمنا أن الله جعل من الماء كل شيء حيا، وهذا يثبت أهمية هذه النعمة ولكن في الوقت نفسه رسم لنا نبينا عليه الصلاة والسلام خارطة طريق للحافظ على هذه الثروة الإستراتيجية عندما نهانا عن الإسراف ولو كنا على نهر جار عندما رأى أحدهم يسرف في استعمال الماء.
الجزائر لا تشكّل الاستثناء وهي كغيرها معنية بندرة وتناقص هذه المادة الحيوية التي لها دور كبير في أمن البلاد لأنها تساهم في استقرار المواطنين ومشروع على شاكلة تحويل الماء من عين صالح إلى تمنراست له أهمية كبرى في تأمين بلادنا ديمغرافيا، اجتماعيا، عسكريا واقتصاديا...وكلفته لا تساوي شيئا في سبيل بناء أمن وطني بمفهومه الشامل يكون محوره المواطن الجزائري في كل شبر من هذا الوطن، والتسمية الأمازيغية للماء «أمان» تعبّر عن ذلك جيّدا.