ما بناه الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال عهدتين رئاسيتين، هدّمه خلفه في ظرف سنة واحدة، فقبل أسبوعين أطلّ دونالد ترامب كعادته عبر شاشة التلفزيون معلنا انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعته مجموعة من الدول بشقّ الأنفس بعد مفاوضات ماراطونية استمرت عدة سنوات.
جهود سنوات من المفاوضات العسيرة بين ايران من جهة والخمسة الكبار «فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، أمريكا، الصين وروسا» من جهة ثانية، طواها الرئيس الأمريكي المثير للجدل بجرّة قلم، رغم أن إيران وبشهادة الوكالة الدولية المكلفة بالتفتيش النووي، ملتزمة ببنود الاتفاق ولم تنتهكه كما زعمت الإدارة الامريكية ومن ورائها إسرائيل.
وليست هذه المرة الأولى التي يتخذ فيها ترامب قرارًا يعصف باتفاقٍ أُبرم في عهد سلفه أوباما، ففي الفاتح جويلية من العام الماضي، انسحب الرئيس الأمريكي الحالي من اتفاق مكافحة تغير المناخ الذي أبرم في الثاني عشر من ديسمبر عام 2015، بشقّ الأنفس أيضا.
كما صدم دونالد ترامب العالم بقرار إلغاء سياسة الانفتاح مع كوبا، عندما أعلن قبل أشهر تشديد القيود على سفر الأمريكيين إلى كوبا وعلى تعاملات الشركات الأمريكية مع الجيش الكوبي.
وقال ترامب، إنه يلغي اتفاقا «فظيعا ومضللا» عقده سلفه باراك أوباما، تتويجا لانفراجة دبلوماسية في 2014، بين الدولتين اللتين كانتا عدوتين في الحرب الباردة.
ودعت إدارة الرئيس ترامب، المجتمع الدولي لدعم مسعاه لتجديد العقوبات على كوبا.
و لم تتوقف معاول ترامب عن الهدم، وأفظع ما هدّمه هو العرف الذي دأب عليه كلّ الرؤساء الذين تعاقبوا على البيت الأبيض بتأجيل نقل السفارة الامريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، ومعلوم أن الكونغرس الامريكي أصدر في 1995 قرارا ينصّ على نقل السفارة إلى القدس وبالتالي ترسيم هذه الأخيرة عاصمة للكيان الصهيوني.
أوباما امتاز خلال فترة حكمه للولايات المتحدة، والتي امتدت ثماني سنوات بالدبلوماسية، فهو الذي كان يتبنى شعار القوة الناعمة، وحاول طيلة فترة حكمه أن يزيل الآثار السلبية لحكم سلفه جورج دبليو بوش، الذي أقحم الولايات المتحدة في حروبٍ، أبرزها الحرب على أفغانستان والعراق.
لكن يبدو بأن سياسة ترامب التي تقوم على أمريكا أولا، مغايرة تماما ومن شأنها أن تحمل العديد من المفاجآت الصادمة للعالم