كلمة العدد

الوحدة في الاختلاف

بقلم: حبيبة غريب
20 ماي 2018

 تعد الثّقافة باختلاف مجالاتها ميثاقا آخر للإنسان بعد الإيديولوجية والدين والتوجه السياسي والانتساب العرقي، وغالبا ما كان المثقّف المبدع أو الفنان سفيرا لمجتمعه ومرآة لتقاليده ومعتقداته وقيمه أمام المجتمعات الأخرى، وكثيرا ما يكون التواصل على شكل لوحة فنية أو عرض موسيقي أو كوريغرافيا أو إبداع أدبي أو عرض مسرحي أو فيلم سينمائي، متخطيا بذلك الحدود الجغرافية.
وغالبا ما يصنع الاختلاف الثقافي جسر تواصل يقرب المسافات
ويلغى الفوارق اللغوية والعرقية والدينية لدى الشعوب، ليجعل من ثقافات المجتمعات وتقاليدها إرثا مشتركا للإنسانية جمعاء، ولغة للحوار يكون ترجمانها الإحساس المرهف والانفتاح على الآخر وروح المحبة والتسامح.
الجزائر أرض للاختلاف الثقافي بامتياز، يجعل التنوع الثقافي لمكونات المجتمع بها من منطقة إلى أخرى كنزا تراثيا لا مادي من شأنه أن يخدم اللحمة الوطنية ومشروع بناء المواطن الجزائري العالمي وكذا التنمية المستدامة، كون المجال فتح واسعا أمام الاستثمار في الثقافة.
والمثقّف الجزائري الذي حمل بالأمس الثورة الجزائرية بين موهبته وإبداعه خارج حدود الوطن المستعمر، كاسرا بذلك  الحصار المفروض على الهوية الجزائرية، هو نفسه الذي مثل الجزائر المستقلة وثقافتها وتاريخها في المحافل الدولية، وهو أيضا من ناضل في وجع التطرف والتعصب ومحاولة طمس الثقافة والكيان الوطني خلال العشرية السوداء، فهو مطالب اليوم من خلال فنه وإبداعه الأدبي والفكري في السهر على نشر الوعي
وثقافة التسامح والانفتاح على الآخر، وجعل من الفوارق الثقافية  لأبناء الجزائر لبنة للوحدة الوطنية وتشجيع لغة الحوار والتسامح  والقيم الإنسانية النبيلة.
 وعلى المثقّف أن يجعل من موهبته سلاحا يدافع من خلاله على الوطن، ويجعل منها أيضا رسالة تدعو للتعايش في سلام ولتخطي النزاعات وتفادي الحروب، والحفاظ على ثروات المعمورة وتبديد كل الفوارق التي تخلقها المصالح السياسية والإستراتيجية، على أن يحكم الإنسانية ميثاق سلم وسلام يرتكز على مبدأ الوحدة في الاختلاف والتنوع بعيدا عن الإقصاء والانزواء والتطرف.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024