ظاهرة مؤسفة للغاية انتشرت في المدة الأخيرة لدى بعض التجار، والتي لا تتعلّق بالزيادة في الأسعار أو المضاربة، ولكنها مرتبطة بعدم احترام الزبون من حيث المعاملة المباشرة، ويجد هذا الأخير نفسه في وضع حرج أمام تصرّف “من قدّم له” سلعة معيّنة.
الأمر يتعلق بالطّريقة التي يستلم بها التاجر ثمن السلعة من الزبون كونه لا يكلف نفسه عناء “النظر” إلى الزبون الذي يقدم له النقود، ويرد “الصرف” كذلك دون النظر في هذا الشخص الذي قصد محله؟
حضرت هذا الموقف في ثاني أيام رمضان عندما اشترى كهل الموز في أحد أسواق العاصمة واستلم الكيس، لكن عندما قدّم النقود كان التاجر منهمكا يتكلم بهاتفه النقال دون النظر في “صاحبنا” الذي تنرفز وتراجع عن تقديم المبلغ المالي، وبقيت يد التاجر الممدودة “خاوية” في منظر طريف، وبدهشة قطع المكالمة وطلب من الكهل عن فحوى “هذا التصرف”.
لكن الإجابة كانت في “المقام” عند الزبون الذي أعطى للتاجر درسا حول سلوكات التجارة وأخلاقياتها حينما خاطبه يقول: “وأنت كيف تتعامل معي بهذه الطريقة وأنا الذي قصدت محلك باحترام لتعاملني كأنّني مجرّد نقود تدخل خزينتك، شيء من الإنسانية..ففي الماضي القريب كان يستقبلنا التجار ببشاشة ونشتري ما نريد في جو مريح في إطار من الاحترام المتبادل، لكن الآن تغيّرت الأمور ولا يريد التاجر حتى النظر في الزبون”.
نعم، إنّها حقيقة نلاحظها في يوميات هذا الزمن، ربما “بسبب” التطور التكنولوجي، حيث أصبحت المحلات التجارية مجهّزة بالتلفاز وكاميرات المراقبة، إلى جانب “غزو” الهاتف النقال لكل مجالات الحياة، ويتم استعمال هذه الأجهزة في لحظات تتطلب شيئا من التركيز والاحترام للزبون، الذي يريد أن يكون التعامل معه باحترام وفي حدود اللياقة.