علــى نفــس الــدّرب

فضيلة دفوس
18 ماي 2018

ونحن نستعيد الذكرى التي التحق فيها الطلبة الجزائريون بالثورة المجيدة، تستوقفني مسألة أراها في غاية الأهمية، وهي درجة الوعي السياسي والحسّ الوطني، التي كانت تسكن أفئدة وعقول شباب في عمر الزّهور آثاروا وطنهم على أنفسهم وقرّروا ترك مستقبلهم العلمي وراءهم ليحملوا على أكتافهم عبء واجب وطني ثقيل، لكنّه مفعم بالتّضحية والشجاعة والإقبال.
الطّلبة الذين نتحدّث عنهم، كانوا صغار السنّ، ومنهم من لم يبرح مرحلة المراهقة بعد، لكنّهم كانوا بوعي الكبار وإقبال الشجعان، وقوّة دفعهم نحو الجبال الوعرة، هي إرادة فولاذية في الكفاح المسلّح للتخصلّص من الاستعمار، مع أنهم كانوا أكثر حظّا حيث كانوا يدرسون، ومستوياتهم العلمية عالية، أما غيرهم فأفضلهم من يحظى بفرصة في الكتاتيب لحفظ القرآن، أما المدرسة ومقاعدها الناعمة، فكانت حلما صعب المنال للأغلبية المسحوقة تحت أقدام المستدمر الفرنسي، الذي أصيب بفزع حقيقي وهو يتلقّف خبر «الهجرة» الجماعية للطلبة الجزائريين من ثانوياتهم ومعاهدهم نحو جبهات القتال، إذ أن تعزيز صوف الثوار والمجاهدين بالنخبة المتعلّمة يحمل الكثير من المعنى، ويعكس مدى ارتباط الطالب الجزائري ببلده وتمسّكه بحرّيته التي لم تستطع الكتب المدرسية والمناهج التعليمية الفرنسية أن تجعله يحيد عنهما.
الوقوف اليوم عند العيد الوطني للطالب، هو أيضا لتقفّي أثر الوطنية التي كان يتمتّع بها طلبة الأمس، واستخلاص موقعها في صفوف طلبة اليوم، وأجزم بأن طالب اليوم لا يختلف من حيث الإقبال والتّضحية في شيء عن طالب الأمس حتى وإن تغيّرت الظروف والمعطيات.
فهو يتعلّم لأجل بناء دولته ووطنه، وتراه من خلال وسائط الإعلام الحديثة يدافع بقوة عن الجزائر، ضدّ كل من يسئ إليها حتى بمجرّد الكلام، ولقد تابعت شخصيا كيف أن أبناءها ردّوا بحزم على التفاهات المقزّزة التي أصدرها شواذ غير بعيد عن محيطنا الجغرافي، وهم يتشفّون في حادث الطائرة المأسوي أودى بحياة عشرات الشباب قبل أسابيع.
كما أن الطالب الجزائري، المتّسم بوعي كبير لم يسقط فيما سقط فيه طلبة وشباب دول كثيرة ثمّ جرّها للاحتجاج وحتى حمل السّلاح وإغراق بلدانهم في بحار من الدماء باسم التغيير، ونحن نعلم أن المتكالبين على أوطاننا يراهنون دائما على  الشباب ـ وهم في أغلبهم طلبة ـ لتنفيذ مؤامراتهم التدميرية.
صحيح أن طلبة الأمس آثروا حياتهم لأجل حرية الوطن وهي أعلى درجات الإيثار، والأكيد أن طلبة اليوم لا يختلفون عنهم وهم يسيرون على نفس الدّرب حماية لهذا الوطن.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024