إعتبر بوعبد الله غلام الله رئيس المجلس الاسلامي الأعلى أن الفلسفة السلمية التي جاءت بها المصالحة الوطنية تصنف في سقف مغزى العيش معا في سلام كونها توجهت مباشرة الى الانسان لانقاذه من الأوضاع المؤلمة التي صنعها لنفسه من أجل أغراض معينة وحسابات ضيقة لاتعدو أن تسقط مع إنكشاف توجهاته الخطيرة على البلاد والعباد.
وما احتوته المصالحة الوطنية من قيم كان هدفها عدم اقصاء الآخر، مهما كانت طبيعة الأعمال التي أقدم عليها وهي بذلك تريد الحفاظ على الانسان لذات بشرية كانت عرضة لاغراءات شتى لدخول هذا العالم من المغامرة التي لم يقدر أصحابها تداعياتها في مرحلة معينة.
من هذا المنطلق كان لها ذلك التأثير في كل من تفاعل معها على أساس انهامشروع مفتوح على المغرر بهم لم تبن على الضوابط التي تغلق الأمل وانما تركت تلك الهوامش والممرات لابراز النوايا الحسنة المراد ان تفهم من خلال ماورد في بنود الميثاق الداعي ضمنيا الى التسامح وكذلك ضرورة العودة الى قاعدة العيش معا في سلام.
وفي هذا السياق ثمن غلام الله مضمون نص المصالحة الوطنية، من خلال ماشدد عليه من تكفل كامل بالأشخاص الضالين وتعويضهم بما تم الاشارة اليه في القانون ليست تدابير تقنية محضة بل علينا قراءة خلفيات ذلك بمعنى السعي نحو الخروج السريع من وضعية النزاع الى وضعية المصالحة مع الوطن.
وعليه، فاننا اليوم ونحن نحيي مناسبة ١٦ ماي العيش معا في سلام لابد وأن نستحضر ما بذله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أجل أن يعود السلم الى كامل ربوع الوطن إقتناعا منه بأن لا تنمية بدون أمن وترجم ذلك صراحة من خلال أولوياته التي اشتغل عليها عندما إعتلى سدة الحكم في الجزائر، الا وهي القضاء على الفتنة، ووقف تدهور الاقتصاد، وعودة البلد الى المحافل الدولية.
كانت البداية مع الوئام المدني، الذي كان عبارة عن الجرعة الأولى أتت بثمارها عندما تم استرجاع ١٨ ألف قطعة سلاح وعودة العديد من الأشخاص الى حاضنة المجتمع وتواصلت بالجرعة الثانية الاوهي المصالحة الوطنية في شكل ميثاق مدعوم بمواد توضح بجلاء كيفية تسوية هذا الملف.
ولم تترك الأمور لحالها بل كانت هناك لجان على مستوى الولايات تعمل في هذا الاتجاه وتعني بآلية من الآليات المتولدة عن النصوص التطبيقية تنشط مباشرة مع المحاكم مما أدى الى حل الكثير من المشاكل المطروحة كونها تجربة أولى تستدعي الكثير من الصبر وتقدير الظروف، وتفهم الأوضاع آنذاك.
هذا كله من أجل تحقيق ذلك المبتغى المبحثون عنه بكل قوة لاسترجاع السلم والعيش معا في كنف الأمن ولابد هنا من التأكيد ان الفضل كل الفضل يعود الى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي كان على قناعة تامة بأن هذا المشروع السلمي سيخرج الجزائر من دائرة العنف وهذا ماتم بالفعل وعلينا ألا ننسى كل هذا المسار المنجز لصالح الجزائر لأنه الخيار الوحيد والأوحد آنذاك.