نصْرُهم ونكبتُنا

فضيلة دفوس
13 ماي 2018

اليوم تقيم إسرائيل الأفراح وتحتفي بيوم تاريخي حقّقت فيه نصرا لا يقل عظمة عن نصرها في عام ١٩٤٨، الذي توّج بإعلان قيام كيانها الغاصب على أرض فلسطين.
اليوم تبتهج إسرائيل وتشعل شموع الفرح وقد حصلت على أثمن هدية في عيد ميلادها الـ ٧٠ قدّمها لها ترامب على طبق من ذهب غير مبال بأنّ ما يهديه لها، هو حقّ فلسطيني خالص بإقرار التّاريخ والجغرافيا والقرارات الأممية.
الهدية الثّمينة التي قدّمها ترامب لتل أبيب بجرة قلم، هي مدينة القدس التي سعى الصهاينة على مرّ العقود السّبعة الماضية للاستحواذ عليها، لكنهم كانوا يصدمون باللّوائح الدولية الرافضة، وباعتراض الرّؤساء الأمريكيّين الذين تعاقبوا على البيت الأبيض إلى أن جاء ترامب، فكسّر المحظور ضاربا بالشّرعية عرض الحائط، مستغلاّ حالة الضّعف والتّشرذم التي بلغها الفلسطينيون، وواقع الضعف والإنهزام الذي أصبح عليه العرب.
هكذا إذن، تحقّق إسرائيل نصرا كبيرا، وبالمقابل يعيش الفلسطينيّون وأحرار العرب والمسلمين نكبة جديدة، تنذر بمزيد من التكالب على القضية الفلسطينية التي لم تعد قضية العرب الأولى، بل تحوّلت لديهم إلى عبء يريد الجميع التخلص منها، وتجاوز ذلك إلى الارتماء في الحضن الصّهيوني حتى وإن كان الثّمن الباهظ يدفعه الفلسطينيون الذين يجدون أنفسهم وحدهم بصدورهم العارية يدافعون عن شرف الأمّة العربية والاسلامية في مواجهة احتلال يتلذّذ بممارسة كل أشكال العنف والإجرام.
الإدارة الأمريكية بخطواتها الاستفزازية هذه لم تلتفت إلى ما يمكن أن تثيره من رد فعل فلسطيني، ولم تكترث إلى أنّها تضع المنطقة على كف عفريت، لأنها ببساطة تدرك جيدا بأنّ العرب في أقصى الأحوال سيكتفون بالشّجب والادانة، لترسّخ إسرائيل احتلالها لمدينة القدس وما تحويه من مقدّسات إسلامية في مقدّمتها المسجد الأقصى (أولى القبلتين وثاني الحرمين)، وتمضي في سياسة التهويد، والنيل من باقي الحقوق الفلسطينية وفي مقدّمتها حق العودة.
أمريكا التي حقّقت لإسرائيل اليوم حلمها الأكبر في ترسيم القدس عاصمة لها، هي أمريكا ذاتها التي كانت أول من اعترف بالكيان الصهيوني مباشرة بعد أن أعلن “بن غوريون” عن إنشائه في ١٤ ماي  ١٩٤٨، وهي نفسها التي ظلّت تدعّمه وتحميه بحق “الفيتو” الذي كانت ترفعه في وجه كل من يحاول إدانته على مذابحه وجرائمه اللاّمتناهية.
لهذا فإنّ المعركة التي يخوضها الفلسطينيّون من أجل انتزاع حقوقهم تبدو صعبة، لأنّها في مواجهة إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة الأمريكية بقوّتها ونفوذها وغطرستها، لكن رغم هذا الخلل الكبير في موازين القوى، لا يجب على الفلسطينيّين الاستسلام واليأس، بل عليهم بالمقاومة لأنّها الطّريق الوحيد للنصر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024