الإحتكام للتشريع

جمال أوكيلي
29 أفريل 2018

أمهلت وزارة العمل والتشغيل والضمان الإجتماعي بعض النقابات آجالا محددة قصد تسوية وضعيتها الإدارية لدى مصالحها المختصة، بعدما تبين أن هناك تحايلا فيما يتعلق بقضية التمثيل الذي لا يصل إلى سقف ٢٠٪ كما نصت عليه القوانين المعمول بها.
وفي هذا الإطار راسلت الجهات المعنية بالوزارة ٦٥ نقابة مسجلة لديها وما تلقته من رد لم يتجاوز ٣٠ منها، وبتحليل هذا الرقم كشف أن ١٦ أعطت معلومات عن القائمة الإسمية ومبلغ الاشتراكات ومرجعيات الضمان الإجتماعي، أما ١٣ الأخرى تلاعبت بالبيانات هذا ما يعرضها إلى الحرمان من بعض المزايا، منها الاحجام عن التفاوض مع المستخدم أو الدعوة إلى الإضراب دون المساس باعتمادها.
وتأمل الوصاية أن يتحلى النقابيون بالثقافة القانونية والحس المسؤول في مسايرة مثل هذه الحالات الاستثنائية في إدارة هياكل لقطاعات ومؤسسات واسعة لا يصح التلاعب بمنخرطيها، والزج بهم في مواقف معقدة، قد تؤدي بهم إلى ما لا يحمد عقباه عندما يستدعي الأمر بتطبيق الأحكام الواردة في النصوص المنظمة لعلاقات العمل.
ومثل الإجراءات المتبعة تندرج في إطار المراجعة السنوية لمدى مطابقة الملفات المودعة مع القوانين المتبعة، وفي هذا الصدد فقد تم مخاطبة الجمعيات في هذا الشأن من قبل وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، فيما سبق لجعلها تتماشى مع الشروط الجديدة، هذا لا يعني أبدا حلها، أو مضايقتها، إنما إضفاء على تسييرها الشفافية، والخروج من المكاتب المغلقة، والعمل في الوضوح كالإستعانة بمحافظ الحساباب، وتقديم التقارير المالية، ومصادر التمويل مثل هذه المطالب الصادرة عن السلطات العمومية، تقلق كثيرا هؤلاء لذلك لا يسمح العمل في الغموض، واستغلال ثغرات معينة، للتمادي في أعمال تضر بالمجموعة الوطنية من حيث لا يشعر هؤلاء.
وقرار وزارة العمل والشغل والضمان الإجتماعي لم يأت من العدم بل هو نتاج لواقع نقابي فرضته البعض من الممارسات المخالفة لحد أدنى من أبجديات النشاط النقابي، فيما يتعلق الإلتزام بمسارات الإشعار بالإضراب وغيره، وقد وقف الجميع على ما حدث في الخطوط الجوية الجزائرية، والتربية اضطر القائمون إلى الإسراع في الخروج من هذا المأزق في أسرع وقت، وهكذا لم تتوان إدارة الطيران في إتخاذ تدابير عاجلة لإستئناف الرحلات وهذا بتسليط أقصى العقوبات على أعضاء النقابة الذين  كانوا وراء الإضراب بعدما أقرت العدالة بأنه «غير شرعي».
أما في قطاع التربية، فإن هناك حوالي ١٣ نقابة كل واحد «يلغي بلغاه» لذلك تعقدت الأمور وتشعبت نظرا لطبيعة المطالب التعجيزية أحيانا التي تتجاوز الوزارة أحيانا وتوجد لدى جهات أخرى كالوظيفة العمومية والخزينة، زيادة على وجود خلفيات أخرى، ناجمة عن توجهات ايديولوجية واضحة اختلطت مع المحاور المهنية المحضة، ذات الطابع البيداغوجي مما أدى إلى التشنج والإنسداد إلى غاية تدخل المساعي الحميدة.
هناك عينات أخرى تظهر حقا بأن هناك تجاوزات لا تعدو لا تحصى في عالم الشغل وما ذكرناه سالفا، إنما أردنا منه إبرز قمة القبضة الحديدية بين النقابتين والوصايتين المعنيتين، مما حتم بإعادة فتح ملف التمثيل النقابي، خاصة التي تطلق على نفسها بالمستقلة، وتبين فيما بعد بأن أغلبيتها لا تحترم التشريع المعمول به.
والأسلوب المتبع من قبل الوزارة، بعد ايجابيا من باب أنها منحت الأولوية للحوار، وهذا عندما تواصلت مع هذه النقابات، ودعتها إلى «مطابقة ملفاتها» مع المنظومة القانونية الحالية، وأعطتها الوقت الكافي لذلك.
وإستنادا إلى الرد الأولي، فإن هناك العديد منها ماتزال في مناوراتها السابقة، تتلاعب «بالثقة» الموضوعة فيها، وتستغلها إلى حد يترجم النظرة الضيقة، التي لا تخدم المصلحة العامة، بقدر ما تريد كسر ماهو قائم، فإلى متى هذا التهرب والتفاعل مع حركية الحوار الإجتماعي.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024