متى نعيد ليوم العلم مجده المفقود؟

قسنطينة / أحمد دبيلي
15 أفريل 2018

 

 

 






تعود هذه السنة، ذكرى يوم العلم لتلقي بظلالها على الساحة الثقافية الوطنية وهي أقل ما يقال عنها أضحت مناسبة شكلية تفتقر إلى الجدية والتجديد وإعادة بعث روح العلم، رغم أنها جاءت لتمجيد وتخليد مكانة العلم وفضل العلماء الذين نشروا هذا المصباح لينير طريق الأوطان ودروب الإنسانية.
هذه الذكرى، التي ترتبط ارتباطا وثيقا بـ 16 افريل 1940، يوم وفاة رجل الإصلاح ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، العلامة «الشيخ عبد الحميد بن باديس» بمدينة قسنطينة، كان من المفروض بل من الواجب أن تعيد للعلم وعلى مدار السنة رمزيته ومكانته التي مهّد لها رجالات جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حيث كان لهم الفضل الأكبر في إخراج الأمة الجزائرية من دياجير الأمية التي فرضها المستدمر على شعبنا طيلة 130 سنة لمحو شخصيته العربية الإسلامية بواسطة الإرهاب الفكري والثقافي، لكن المتتبع للساحة الثقافية الوطنية يلاحظ أن هذا الاحتفال بدأ يفقد بريقه مع مرور السنوات، فلا جديد يذكر ولكن كل قديم يعاد؟ حيث كان من الأجدر على كل مؤسسات الدولة العلمية والثقافية وعلى رأسها وزارة الثقافة وضع الإطار العام لهذه الاحتفالية من خلال برامج يتمّ إثراؤها كل سنة لتمجيد العلم وصناعه وهو الهدف الأسمى من الاحتفال بهذه الذكرى.
وإذا كانت قسنطينة التي ارتبط اسمها بالعلم والعلماء، وهي التي قال عنها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في رسالته بمناسبة إحياء يوم العلم في اختتام تظاهرتها عاصمة للثقافة العربية سنة 2016: «.. وما أظن أحدا فينا يتخيل أن العلم وقسنطينة سيتفرقان في يوم من الأيام»، يمكن أن يكون دافعا قويا لانطلاقة جديدة من هذه المدينة، يعاد فيها ليوم العلم مكانته المفقودة، وهذا لن يتأتى إلا وفق برنامج ثري بعيدا عن الطرق التقليدية التي يتمّ بها إحياء هذه المناسبة، خاصة ونحن اليوم أمام وسائط تكنولوجية فعّالة قربت المسافات بين الأفراد والشعوب.
ومن هذه البدائل التي يمكن أن تؤسس لانطلاقة جديدة تستمر لأجيال أخرى في المستقبل، إطلاق المنافسات العلمية والأدبية في شتى صنوف المعرفة، حيث يتمّ تتويج أفضل الأعمال المقدمة من رسائل جامعية واختراعات وكتب أكاديمية وروايات بجوائز محفزة تدفع بالمرشحين إلى التنافس النزيه الذي يعتمد على العلم وسيلة وهدفا في نفس الوقت وهو ما يشجع أيضا النشء على الاقتداء بهذه السنة التى تتوارث جيلا عن جيل، أن ترشح كل سنة ولاية من ولايات القطر لاحتضان هذه التظاهرة رسميا وهو ما يشجّع على تنقل واستقطاب كل الفاعلين في الساحة الثقافية الوطنية والدولية، وهو أيضا عامل مهم في تطوير السياحة الثقافية عبر كامل أرجاء الوطن، إنشاء بالمناسبة مكتبات ودور ثقافة بلدية وولائية وتسميتها بأسماء علمائنا ومثقفينا وتشجيع القراءة والتأليف، إطلاق مسابقات لأفضل أستاذ في كل مراحل التعليم وهو ما يشجّع هذه الفئة على تقديم الأفضل، وحتى تكون قدوة للأجيال القادمة إنطاقا من مقولة «كاد المعلم أن يكون رسولا».
وحتى نعيد لهذا اليوم مجده الذي بدأ يفتقده، تبقى الآمال معقودة على أصحاب الحل والربط للنهوض بهذه المناسبة التي ترتبط بأسماء علماء صنعوا للجزائر مجدها وأناروا عقول أبنائها بالعلم والمعرفة.

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024