مازالت معركة الكبار التي يخوضونها بالوكالة في سوريا لم تنته بعد، ومازال ليل هذه الدّولة التي تتجاذبها الدّول مند سبع سنوات، طويلا ولا ضوء في الأفق، فالصراع بين الأطراف الخارجية التي تحرّك المجموعات المسلّحة والإرهابية هناك كالبيادق، لم يحسم لجهة معيّنة، لهذا نرى هذا التّصعيد الذي ينذر بمزيد من التأزّم والإنسداد، ما يعني أن نهاية الحرب في بلاد الشام لن تكون غدا، و ما قد يعتبره البعض مؤشرات انفراج تظهر بين الفينة و الأخرى ، ماهي في واقع الأمر غير أضغاث أحلام، لأن الواقع على الأرض يعكس غير ذلك، فالاقتتال والتّدمير والتشريد مستمرّ، والمتكالبين على سوريا مصرّون على مواصلة مهمّتهم التدميرية حتى النهاية، وكلّما بزغت إشراقة في الأفق، إلا وسارع زبانية الحرب لصبّ مزيد من الزيت على النار لتلهب أكثر وتحرق المزيد من أحلام وآمال السوريين.
لقد عرفت الأزمة السورية في الأشهر الأخيرة مستجدات وتطورات كثيرة، حيث بات الميدان لصالح النظام وحلفائه، وحتى العالم غيّر لغته تجاه هذه المعضلة، فبينما كان يرافع للخيار العسكري دون غيره، ويصرّ على اسقاط النّظام بأي ثمن، أصبح يشدّد على الحلّ السلمي دون إشتراط رحيل الأسد.
وقد دفعتنا هذه المستجدّات للاعتقاد بأن ساعة الانفراج قد حلّت، خاصّة بعدما انهزمت المعارضة المسلّحة هناك شرّ هزيمة، وأصبحت تقايض من أجل سلامة مقاتليها، وتوسّعت مساحة الأمل بعدما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه سحب قواته من سوريا، لكن فجأة تحوّل الأمل الى كابوس، واختلطت الأوراق من جديد، وبدا أنّ منعطفا جديدا أريد للأزمة السورية أن تسير فيه، لتعود المعضلة إلى المربّع الأول بعدما قرّر ترامب البقاء العسكري الأمريكي هناك، وليت الأمر توقّف هنا، بل تمّ ارتكاب جريمة مروّعة في ديما باستخدام الكيميائي، لتلقى التهمة جزافا على النظام السوري، كما جرت العادة، لكن هذه المرّة مع تصعيد غربي غير مسبوق، ومع مؤشرات لا نرى ملامحها سارة.
الوضع في سوريا يعود للتأزّم أكثر، طبعا فالمعركة العبثية بين المتحاربين الحقيقيين لم تحسم بعد، والأكيد أنّ المنتصر في النّهاية لن يكون الشعب السّوري، لأنه الخاسر الاكبر بعد أن تدمّرت بلاده، وتفرّقت وحدته، واستقرّت الشياطين بين جنباته.
المعضلة السورية تدخل عامها الثامن والحلّ كما أراه بيد المتكالبين عليها، الذين يتغنّون بالسّلام جهرا، ويؤجّجون الحرب سرّا، لهذا فالنيران التي تلتهم بلاد الشام لن يطفئها غير هؤلاء، وأعتقد بأنّ السوريين، حتى الذين باعوا أنفسهم للشياطين، لم يكونوا غير وقود لهذه الحرب التي لا هدف لها غير تدمير سوريا وإعادتها عهودا الى الوراء حتى يهنأ ويهدأ بال الكيان الصهيوني الذي لا أتصوّره بعيدا عمّا يجري في بلاد الشام وباقي البلدان العربية.
ويبقى في الأخير التأكيد، بأنه لكلّ بداية نهاية، والحرب على سوريا ستنتهي حتما، لكن ليس في الغد القريب، بل عندما يتّفق الكبار على اقتسام الكعكة.