مسؤولية متداخلة

جمال أوكيلي
02 أفريل 2018

أحدث تفشي داء «البوحمرون» في وسط الأطفال جدلا واسعا لدى العائلات مبدية قلقها المتزايد جراء العدوى السريعة التي سبّبها في العديد من مناطق البلاد أدت إلى التكفّل بالكثير منهم على مستوى المستشفيات ووضعهم تحت المراقبة الطبية إلى غاية الشفاء منه.
وما يثير حقا التساؤل في كل ما جرى، لماذا رفض الأولياء تلقيح أبناءهم في بداية الأمر وقبل استفحاله وتحوّله إلى وباء!؟.
سنحاول من خلال هذا الملف الذي أمامنا إبراز المساعي القائمة في هذا الشأن، أي تنوير القراء بالوضعية الراهنة لهذا المرض على مستوى عينات من الولايات المختارة بمعنى إلى أي مدى تمّ احتواء تداعيات «البوحمرون» بعد أن تجاوز الجميع في بداياته الأولى.
ولابد من الإشارة هنا، إلى أن المفارقة في كل ما جرى إلى غاية يومنا هذا هو عزوف الأولياء عن تلقيح فلذات أكبادهم، مما زاد في مضاعفاته إلى درجات خطيرة جدا، أودت بحياة الكثيرين، كما استدعت حالات البعض نقلهم على جناح السرعة إلى المستشفيات، لمتابعتهم عن كثب.
ومن غير المقبول، أن تمرّ علينا هذه الظاهرة الجديدة مرور الكرام دون الوقوف عندها لتحليل خلفياتها بالرغم من النداءات الملّحة والمتكرّرة الصادرة عن وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات التي ما فتئت تدعو الأولياء إلى الاقتراب من المراكز الصحية لتلقيح أبنائهم، لكن لا حياة لمن تنادي.. رفض قطعي وعدم الاستجابة لمثل هذه الدعوات بالرغم من أن الجميع يدرك بأن «البوحمرون» مرض قاتل لا يرحم، لا يمكن تفاديه إلاّ بالتلقيح.
كان يكفي أن تكون الإشاعة مصدرا لكل هذا الإزعاج والمتاعب مفادها أن تركيبة المصل غير فعّالة ومضرة بالأطفال، هذا ما ترسّخ في أذهان الأولياء وفي مقابل ذلك لم تكن هناك أي استراتيجية اتصال من قبل الجهات المعنية من أجل إقناع العائلات.. هذا الفراغ لاحظه الجميع طيلة تلك الفترة.
وعليه، فإننا نعتبر ذلك درسا، لكل من يشتغل أو يعمل في هذا القطاع من الآن فصاعدا قصد مراجعة التصور الراهن، في مجال كيفية التواصل مع الآخر في الحالات الحرجة، كالتي مرّت على الوصاية لتعيد بناء نفسها وفق رؤية جديدة قائمة على مبدأ الثقة المتبادلة الموضوعة في الرزنامة الوطنية للتلقيح. وتفادي معاودة مثل تلك الحالات الاستثنائية.
لذلك، فإن المصالح المكلفة بهذه العملية. لم تتعوّد على مثل هذه المقاطعة في مسار احترام مراحل التلقيح، لذا وجدت نفسها وجها لوجه مع واقع جديد عليها، احتارت التعامل معه بالشكل المطلوب نظرا القلة أو نقص خبرتها في كيفية مخاطبة الآخر، بوقائع دامغة، ومقنعة كفيلة وحدها بأن ترجع الأمور إلى مجراها الطبيعي.
بالرغم من أن الجميع يدرك إدراكا كاملا بأن ترك الأطفال بدون توقيع قد يؤدي بهم إلى ما لا يحمد عقباه ويتحمّلون المسؤولية كل المسؤولية في ذلك.
وهذا الحلقة المفقودة في الاتصال الاجتماعي يجب أن تعود إلى الواجهة، خاصة مع كثرة القنوات. لطي هذا الملف نهائيا.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024