حملت الشاعرة انتصار سليمان رسالة حب من حضن الشام الى الجزائر بلدها الثاني او كما وصفتها الاخت التوأم لسوريا ، جاءت كما البدايات التي ترسمها في القصائد المحملة بتعابير الفرح والبوح ...في البدء اختصرت الاحلام والصور التي كانت في مخيلتها .. مجرد خطوط صماء ، في غياب حقيقة الصورة والصورة الحية .
قبل ان تطأ اقدامها ارض الجزائر وهي معبأة بكل هاته المخيلة العظيمة ..استوقفتها لغة الترحاب ، وحفاوة الاستقبال ..وتلك المدن التي زارتها من مدينة طبنة حيث تعانقت الارواح في تاريخ الامس القريب وكيف لا ..وتدمر من هناك تحاكي من وهبوا ارواحهم لهذه الاوطا ن الجميلة ...مابين الكاهنة وزنوبيا ...اساطير من الاوراق الكبيرة ذات الاحجام الخرافية..وصراط يمتد الى حيث التاريخ الاول لهما ...تاريخ صامد امام كل اساليب الاستدمار والاحتلال والغطرسة بكل أنواعها وأشكالها...
هكذا تحيا الاوطان في عيون ابناءها الشرفاء وهكذا تمتد ايات الجمال من موضع الى اخر ...وتكبر الاحلام المشتركة في القيم الانسانية بعيدا عن اي تشويه او تنميق.
من الاوراس الى جبل قاسيون مسافة اختزلت كل السيّر الثقافية والاجتماعية والتاريخية ، وها هي سوريا اليوم تصنع مجدها الثقافي حاضرا ومستقبلا ...في ظل التكالب الارهابي الاعمى من جهة وظلم ذوي القربى من جهة اخرى ...مدن تحمل كل هموم الحضارة العربية العريقة حلب ، حمص ، حماة ، اللاذقية ، طرطوس، صافيتا، تدمر ، دير الزور دمشق وحاراتها الكبيرة والعتيقة، ...الخ.
لكل حرف من هذه المدن ينبت الابداع كما تنهض الاوراق من اغصانها في عز الربيع ..تأتي من جديد حاملة تباشير البوح ، ترفع اصوات الخلاص ، تزرع تباشيرها الطبيعية دون زيف او تكلف او تطفل.
المشهد الثقافي السوري لايزال هاهنا يصنع الاستثناءات ويعانق الامكنة من خلال اصداراته الادبية في مختلف الاجناس ، يسابق الزمن عبر منابر عربية شقيقة وصديقة ، يسمع صوته في عز الدموع والدماء ...يوزع من خلالهما عنفوان المحبة والخير ،رافضا الاستسلام او الزحف عن جغرافيا البلد ... يكمل مسيرة التصدي الادبي بكل روح مسؤولية دون زيف او تردد ، معتبرا الذود عن الحمى من اوليات الرسالة النبيلة السامية .
كتاب.. فنانون ..أدباء، شعراء وشواعر ..جميعهم كلمة واحدة لتحيا الاوطان في عز الكلمة الصادقة ودلالها ...كل هؤلاء اختزلت الشاعرة انتصار سليمان حكاياتهم ،رافعت عن وطنها سوريا بارض الشهداء، حيث قرأت عن الحب والوطن والغربة والأم بكلمات لا تشبه الكلمات ..بل حروف تدوي الامكنة كما تبكي الثكلى عند بيع الاشباه للوطن