في متابعتنا اليومية لحركية التنمية عبر ولاياتنا من خلال مراسلينا في عين المكان، نسجّل تكرار واجترار انشغالات سكان البناءات الذاتية الجديدة في نقاط أصبحت معروفة نظير المطالب الكثيرة التي تنقل عنهم كلما أتيحت لهم فرصة العثور على قناة لإبلاغ ذلك.
هذه الانشغالات الملّحة تتعلّق بالمرافق الخدماتية والجوارية الحيوية المفقودة من مراكز للصحة، البريد، ملحقات البلديات لاستخراج وثائق الحالة المدنية والصيدليات وغيرها.. ولا تتوقّف القائمة عند هذا الحدّ.. بل أن هناك حديث لا ينتهي عن تحويل المسالك الترابية في وسط التجمع السكاني إلى طرق والاستفادة من شبكات الكهرباء، الغاز والمياه...
هذا الضغط الصادر عن هؤلاء الساكنة أصبح فعلا هاجسا مقلقا بالنسبة للسلطات المحلية التي هي على اطلاع واسع على هذه الحالات الموثقة لديها منذ أن تحصّل المعنيون على القطع الأرضية إلى غاية الإنتهاء من عملية البناء دون استشارتها أو المطالبة بالمرافقة بخصوص تفاصيل معيّنة.
هذه الفجوة في الاتصال والتعامل مع الآخر هي التي جعلت الإدارة تُظهر نوعا من الجفاء تجاههم وترفض الإنصات لهم والتكفّل بقضاياهم الآنية. ومن خلال هذا الملف الذي أمامنا نوّد أخذ عينات من هذه الأحياء لإبراز وضعيتها الراهنة وابتعادها عن ذلك النسيج العمراني الحامل للنسق الواحد المتبّع من طرف السلطات المحلية في مخطّطاتها الهندسية المتفّق عليها.
والمطلع على مطالب هؤلاء، يلاحظ بأنها تشترك جلّها في طبيعتها الواحدة، أي الهياكل الخارجية التي تتجاوزهم، وتعود إلى السلطات المحلية المخوّل لها قانونا الإشراف على مثل هذه الملفات.
ومن الصعوبة بمكان، أن تتفاعل تلك الجهات المسؤولة مع ما يأمله السكان.. كون تلك المطالب غير مدرجة في ميزانية البلدية.. وهذه الأخيرة لا يعنيها ما يقع في تلك المناطق ونقصد هنا انتظار ظروف أخرى لعلّ وعسى تسوى وضعياتهم فيما يتعلّق بإطلاق في كل مرة نداءاتهم.
وما تزال هذه المسائل الحادة تراوح مكانها إلى غاية يومنا هذا، نظرا لتعقّد المشكل بدليل أنه في كل مناسبة يجدّدون دعواتهم من أجل إيلاء العناية لمشاكلهم.
وتحوّل حقا هذا الوضع عبئا ثقيلا على السلطات المحلية التي عجزت عن حلّه في أوانه، نظرا لعدة اعتبارات منها خروجه من مجال المشاريع التي تتابعها عن قرب.. وحاليا فإن هذا الفراغ ولّد أجيالا من الشباب تطالب بإعمار أحيائهم،
وأدى بهم الأمر إلى الانتقال إلى عاصمة الولاية من أجل التسلية والترفيه وممارسة الرياضة أو الاستفادة من الخدمات في قطاعات معيّنة.. وما تزال الأصوات تتعالى من هذه التجمعات السكانية غير المهيأة لتسمع من قبل السلطات المحلية. لإدماجها في سياستها التنموية لاحقا.