يشكل مناخ الاستثمار الانشغال محليا وخارجيا لمن يتابعون السوق الجزائرية التي تثير اهتمام متعاملين في مختلف القطاعات، خاصة تلك التي تحقّق نموا بالرغم من الظرف المالي الصعب الناجم عن تداعيات أزمة أسواق المحروقات. لذلك كان ولا يزال محلّ متابعة من السلطات العمومية من أجل تحسين مؤشراته وتطوير جوانبه المختلفة لإثارة اهتمام الرأسمال الوطني والأجنبي وفقا لضوابط محدّدة مطابقة للقواعد المعمول بها في الأسواق العالمية مع وضع ترتيبات تراعي خصوصية البلد من حيث التطلعات المشروعة وكذا تأمين الموارد الحيوية للمجموعة الوطنية. استفاد مناخ الأعمال والاستتثمار منذ إقرار انفتاح الاقتصاد الوطني على المبادرة الحرة والمنافسة من منظومة اصلاحات لا تتوقف سواء على صعيد التشريعات المتعلقة بالاستثمار والاجراءات التمويلية من البنوك والتحفيزات الضريبية وصولا إلى توفير العقارات الملائمة حتى يتمكّن المستثمر أو رئيس المؤسسة من تجسيد مشاريعه التي ينبغي أن ينسجم مع التوجهات الوطنية المسطرة للاقتصاد تحقيقا للنمو. في هذا الاطار يتسمّ مناخ الاستثمار في السوق الجزائرية بمؤشرات ايجابية يمكن اعتبارها تنافسية مقارنة بأسواق أخرى من نفس الحجم والمميزات، والدليل أن الكثير من المشاريع تحقّقت سواء من طرف مؤسسات جزائرية محضة أو بالشراكة الخارجية وفي قطاعات عديدة خارج المحروقات ويكفي النظر للمشهد الاقتصادي لرصد ما هو موجود من مكاسب لا ينبغي الحدّ من ثقلها أو التقليل من مداها. حقيقة لا تزال هناك نقائص في حلقات محدّدة من السلسلة التي تشكل مناخ الاستثمار وتتطلّب المتابعة من أجل معالجتها بالشكل المطلوب حتى تتعزّز كافة الجوانب وتتكرّس في الساحة كثوابت اقتصادية خاصة وأن الدستور الحالي بعد تعديله قد حسم التوجهات في الشقّ الاقتصادي مكرسا حرية المبادرة الاستثمارية وفقا لقواعد المنافسة وتكافؤ الفرص بين المتعاملين ضمن الشروط القانونية ذات الصلة، طالما أن الهدف المتوخى هو انتاج الثروة وتنمية فرص العمل وفي نهاية المطاف المشاركة في تطوير المنظومة الاقتصادية غير أنه من الخطأ الاعتقاد أن ركوب موجة التحسين بالمفهوم السلبي يقود إلى إسقاط كافة المقومات التي تتعلّق بالأمن الاقتصادي للمجموعة الوطنية وتعريض مقدراتها للمجهول بما في ذلك وضع القدرات الوطنية عمومية أو خاصة للخطر في ظلّ عولمة للاقتصاد تستهدف الركائز المتينة للبلدان الناشئة تحت وقع هجمة قوية للشركات العالمية المرتكزة على فروعها الملتوية عبر القارات لا تترك فرصة إلا وانقضت على أسواق ناشئة أو موارد ثمينة. وإدراكا للتحديات الراهنة والمستقبلية تستمر عملية تطهير مناخ الأعمال والاستثمار وتنقيته من الشوائب والمعوقات والعراقيل التي لا تزال تشكّل مصدر ازعاج للاستثمار وتعيق وتيرته، مخلفة انعكاسات سلبية تتطلب مضاعفة الجهود لإبعادها من المشهد لتحقيق مزيد من المكاسب، لكن دون تفريط في الأوراق القوية التي تشكل جدارا وقائيا للراسمال الوطني ليكون في مأمن من أي مخاطرة غير محمودة العواقب وأكثر من هذا لإعطاء نفس جديد للنسيج المؤسساتي في كل القطاعات التي يعوّل عليها إمكانية الانتعاش وانجاز الانتقال من إلى مستوى زبون مستهلك إلى فاعل منتج ومصدر والاستفادة من الشراكة الأجنبية كقيمة مضافة توفر الجانب الذي يقوي مركز المؤسسة الانتاجية كطرف ايجابي بإمكانه أن يتحمّل مسؤوليته الاقتصادية بالمعايير الدولية، خاصة وأن توابل النجاح متوفرة على غرار الخيار الاستراتيجي لبناء اقتصاد انتاجي ومتنوع غير مرتبط عضويا بالمحروقات وتحديد القطاعات التي يمكنها أن تستوعب هذه الإرادة خاصة السياحة والصناعة التحويلية والفلاحة واسعة النطاق والتكتولوجيات الجديدة وغيرها من روافد الاقتصاد التي لم تستغل كما يجب وحان الوقت لأن تدخل معركة النمو مثل المناجم وتحويل الثروات الباطنية المختلفة.