يحتفل العالم في الثامن مارس من كل سنة بالمرأة، وهو بذلك ليس مجرد احتفال بالجنس اللطيف وفقط، وإنما تكريم واحتفاء بالمرأة التي قررت ذات يوم أن تكسر حاجز الصمت ويكون لها صوت في هذا العالم، لترسم لها تاريخا مشرفا في مختلف المجالات والميادين..
لم تكن المرأة الجزائرية بمنأى عن الانجازات التي حققتها نظيرتها في مختلف أنحاء العالم، حيث انتفضت بدورها، حتى لا تُوصف بذلك الكائن الجامد، لتعلن عن تواجدها وبقوة، لتكون المرأة المعلمة، الطبيبة، المحاسبة، المحامية.. والمبدعة، وهو الميدان الذي لم تتوان في أن تسطر لها فيه اسما من ذهب، لتدخل عالم الكتابة وتكون روائية وشاعرة وقاصة، وتلج عالم الرسم لتكون فنانة تشكيلية، كما لم يخل عالم الطرب من أسماء فنية جزائرية لامعة، ووجدت المرأة الحرفية التي أبدعت بأناملها لتصنع تحفا فنية.
فالمرأة الجزائرية لعبت دورا هاما في الحركة الثقافية والفنية، فقد كانت خير سفير لوطنها، وهي تمثله في مختلف المحافل الدولية، حيث رفعت اسمها واسم الجزائر عاليا، وتعرف العالم على المرأة الجزائرية المبدعة سواء الكاتبة أو المطربة أو الفنانة التشكيلية أو الفنانة المسرحية التي تألقت وحصدت وانتزعت عديد الجوائز في منافسات كبرى وبدون منازع لتحلق عاليا في سماء الإبداع.
لم تكن الجزائر لتنجب نساء مبدعات لولا المكانة التي منحت لها، والاهتمام الذي يوليه المسؤولون للمثقفات والمبدعات، واللواتي وجدن فضاءات رحبة لإطلاق العنان لإبداعاتهن، هذا الفضاء الذي أعلن عن ميلاد أسماء نسوية يُحسب لها ألف حساب، على غرار زهور ونيسي، ربيعة جلطي، زينب الأعوج، الفنانة سلوى، نورة، عايشة حداد، باية محيي الدين، كلثوم، نورية وغيرهن.. لا يسع المقام لذكرهن جميعا، إلا أنهن كن فخر الجزائر ومبدعاتها..
المرأة الجزائرية وقفت أيضا إلى جانب أخيها الرجل في الكفاح والنضال، وإن لم تحمل السلاح معه، فقد حملت قلمها لمجابهة العدو الغاشم، فكان إبداعها بمثابة الرصاصة القاتلة في وجهه، وبذلك فإن أغلب المبدعات لم تكن كتاباتهن أو أعمالهن مجرد كلمات أو خربشات، وإنما أعمال فنية وأدبية لها وزنها وتاريخها أوصلنها إلى ما وراء البحار.
فما أكثر الأقلام النسوية في الجزائر، وما أكثر المبدعات اللواتي سطرن لهن اسما خالدا وتاريخا حافلا، وأوصلن صوت الجزائر إلى أبعد الحدود، دون أن يكلن أو يملن ليكون لهذا الوطن صيت ذائع، ويتركن إرثا خالدا يقتدي به أجيال المستقبل ممن يرغبن حمل مشعل من سبقنهن، ويبرزن أنه حين تنتفض المرأة فلا حاجز يكسر تواجدها.