كلمة العدد

التّمكين الاقتصادي

فضيلة بودريش
03 مارس 2018

لفتت المرأة الجزائرية في العشرية الأخيرة الكثير من الانتباه، بفضل المكاسب الثمينة التي حقّقتها وكذا نجاحها في حصد المزيد من التموقع والتمكين السياسي والاقتصادي على حدّ سواء، ولعلّ إنشاء مؤسسات متوسطة وصغيرة من طرف النساء، وتوجههن بثقة وتألق في عالم المقاولاتية، عكس مدى إمكانية التعويل عليهن في المرحلة الراهنة، للمساهمة في تكريس المزيد من الحركية وخلق القيمة المضافة وامتصاص البطالة، وبالتالي التواجد في قلب التحديات الاقتصادية والعمل على مواجهتها بجد واحترافية.
تبقى تجربة المرأة الجزائرية التي اقتحمت الحياة الاقتصادية بقوة ونجاح بحاجة إلى التطوير والتثمين، في ظلّ ارتفاع عدد النساء المقاولات بنحو 23 بالمائة خلال السنوات الأخيرة الماضية، وبات النشاط الاقتصادي يستقطب المرأة بشكل محسوس، على اعتبار أن آخر الأرقام تشير إلى  تسجيل حوالي 143.010 سيدة أعمال، في حين يبلغ عدد النساء العاملات حوالي مليون و ٩١٢ ألف عاملة أو ما يعادل نسبة 17.6 بالمائة. وتكتسي هذه الأرقام أهمية كونها تعكس انفتاح المرأة على الصناعة والإنتاج وكذا الابتكار، ولعلّ التسهيلات والآليات التي أطلقتها الدولة في الأعوام الأخيرة أفضت إلى استقطاب شريحة واسعة من النساء في أبعد نقطة من الجزائر خاصة على مستوى مناطق الهضاب العليا والصحراء.
 لذلك لا يقتصر هذا الاهتمام على المرأة الجامعية وحدها وإنما يشمل بمختلف الصيغ حتى تملك حرفة، كما تخرجت من مراكز ومعاهد التكوين المهني، ففرضت نفسها في الحياة الاقتصادية ولا شك أنها باتت تعد مستقبلا بالكثير. وبالموازاة مع ذلك يتطلّع إلى تحقيق المزيد من الاستقطاب لعدد معتبر من النساء، غير أن المرأة في كل ذلك ينبغي أن تشعر بالمسؤولية وتتجنّد لاقتحام عالم إنشاء المؤسسات المصغرة، لما لنسيجها من أهمية في إنشاء القيمة المضافة وتنويع الإنتاج، ومساهمة في تنمية التصدير إلى الخارج.
وإلى جانب أنه لا ينبغي أن يكون دعم المرأة شعارا أجوف بل يجب أن يخضع إلى مقاييس اقتصادية بحتة، والدعم من الضروري أن يوجّه للمرأة التي تحمل مشروعا وإرادة وفكرا اقتصاديا، حتى يكون تمكينها الاقتصادي مجسدا على أرض الواقع، وتبرز بشكل تدريجي مساهمتها التي من المفروض أن تتناسب مع حجم التسهيلات والدعم الذي سخرته الدولة للمؤسسة الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي استحداث نسيج صناعي مكثف يخلق العديد من الفرص في التشغيل والتصدير والإنتاج بمعايير الجودة والتنافسية العالية.
بالفعل تحتاج المرأة اليوم إلى التوجيه والتحسيس والمرافقة خاصة في المناطق الريفية، التي تنام على قدرات بشرية هائلة لا ينبغي تجاهلها، وتحتوي فوق كل ذلك على مؤشرات الابتكار والعطاء، ولا ينبغي أن يكون مطلبها مقتصرا على التمويل المالي، لأنها مطالبة في البداية بإثبات قدرتها على إيجاد فكرة جيدة لاقتحام عالم الإنتاج، ومن ثمّة التأكيد على أنها تتحكم في أدوات التسيير الجيد، وبالإضافة إلى مواكبة متطلبات وتغيرات الأسواق التي تشهد منافسة شرسة. إذا المرأة في طريق التمكين الاقتصادي من الضروري أن تستغل الآليات وتنفتح أكثر على الحياة الاقتصادية لتواكب تطورات الآلة الإنتاجية ومتطلبات الأسواق.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024