لا يمكن لأحد أن يحظى بهديّة ثمينة في ذكرى نشأته، مثلما سيحظى به الكيان الصهيوني في الذكرى الـ70 لمولده المشؤوم على فراش الخطيئة عبر علاقة غير شرعية جمعته بالغرب الاستعماري، الذي لم يجد من وسيلة تخلصه من ابتزاز الصهاينة وضغوطهم غير توطينهم أرض فلسطين.
في الـ14 ماي القادم، ستنقل الولايات المتحدة الأمريكية سفارتها من تل ابيب إلى القدس، ما يعني أن مدينة القدس ستصبح عاصمة للاحتلال الإسرائيلي بجرّة قلم من الرئيس دونالد ترامب الذي ضرب عرض الحائط بكل المواثيق الدولية والقرارات الأممية في سبيل إرضاء بني صهيون الذين ركبوا العالم أجمع، ويوجهونه في الاتجاه الذي يخدم مصالحهم لا غير.
يعتقد كثيرون بأن أحدا من رؤساء أمريكا، لم يذهب بعيدا في عطائه للصهاينة مثلما فعله ترامب، لكن الحقيقة أن رؤساء أمريكا كلّهم لم يكن بينهم يوما حمائم في تعامله مع القضية الفلسطينية، بل جميعهم كانوا صقورا يمزّقون بمخالبهم السامة فلسطين أرضا وشعبا، إلى أن حوّلوها إلى فتات متناثر، بل إلى محتشدات تعصف بها المآسي والانتهاكات، لتضيع اليوم القدس كما ضاعت قبلها فلسطين، ويقف العرب والمسلمون كعادتهم يتباكون وطنا لم يحافظوا عليه، وينحبون عزّة ومكانة ضاعت بين ثنايا «الربيع الدموي» الذي زجّ بالكثير منهم في بحار من الدماء.
ترامب ليس أسوأ الرؤساء الذين تعاقبوا على البيت الأبيض، فترومان اعترف بالكيان الصهيوني الغاصب حتى قبل أن تمرّ ساعات على قيامه، ومن جاؤوا بعده ظلوا يدعّمون اسرائيل، يحمون ظهرها، ويرفعون «الفيتو» أمام كلّ محاولة لإدانتها على جرائمها اللامتناهية.
لولا أمريكا لما ربحت اسرائيل حرب 1967 واحتلت الضفة وغزة والجولان وجنوب لبنان وسيناء، ولما انتزعت التطبيع العربي، العلني منه والخفي، ولما جرّت الفلسطينيين إلى أوسلو دون أن تمنحهم شيئا.
أمريكا باختصار، ومنذ 1948 وهي تساعد الكيان الصهيوني على ترسيخ جذوره وتمديدها شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، حتى أصبح بأمر الواقع دولة، وأصحاب الأرض الفعليين مشرّدين ومهجّرين، ينتظرون شرعية دولية تنصفهم دون جدوى.
قرار ترامب هو بمثابة حكم القويّ على الضعيف، لكن حتى والعرب في أقسى درجات ضعفهم عليهم بالدفاع عن القدس عاصمة لفلسطين بما أمكن من قوة وتضحيات، وليعلم الجميع أن التاريخ سوف لن يغفر لنا ضياع فلسطين وضياع القدس.