تأتي زيارة رئيس الجمهورية التركية إلى الجزائر، السيد رجب الطيب أردوغان لتعطي دفعا أكبر للعلاقات بين البلدين؛ علاقات عرفت انتعاشا كبيرا منذ زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى تركيا سنة 2005 والتي أثمرت بعد عام واحد بتوقيع البلدين على اتفاقية صداقة وتعاون لدى زيارة الرئيس الحالي لتركيا إلى الجزائر وكان حينها رئيسا للوزراء.
هذه الزيارات المتبادلة والعلاقات التي تزداد متانة وعمقا تعكس وجود إرادة سياسية قوية في أعلى قمة الهرم هي التي تحرك وتيرة هذه العلاقات على نحو تصاعدي لافت يمهد الطريق شيئا فشيئا لبناء شراكة حقيقية بين البلدين وفق معادلة (رابح- رابح).
لا شك أن التجربة التنموية التركية أصبحت أنموذجا، فقد استطاعت أنقرة في ظرف قياسي الانتقال من خانة دولة سائرة في طريق النمو تعاني الركود والتضخم، إلى مصف الدول الصاعدة، بينما أصبح اقتصادها ضمن 20 الأقوى في العالم، مما خولها عضوية مجموعة 20 وهي تتطلع الى الانضمام إلى منظمة شنغهاي. والجزائر مهتمة بهذه التجربة في رحلة بحثها على تنويع اقتصادها وبناء صناعة وطنية تتطلع للحصول على التكنولوجيا الحديثة عبر البوابة التركية، فهذه الأخيرة وبحكم تجربتها التنموية الشبيهة في بداياتها بالحالة الجزائرية الحالية – التي تعيش تحولات اقتصادية- فتركيا شأنها شأن الدول التي يطلق عليها مصطلح ناشئة أو صاعدة، يمكنها أن تكسر احتكار الدول الكبرى لهذه التكنولوجيا، كما يمكنها أن تتفهّم تطلعات الجزائر في هذا الاتجاه.
الجزائر من جهتها، يمكنها أن تقدم فرصا كبيرة أمام الاستثمارات التركية وفي مختلف المجالات تكون ربحيتها أكيدة وصفرية الأخطار، هذا علاوة على قدرتها على فتح آفاق اقتصادية وتجارية كبيرة أمام تركيا ليس في السوق الجزائرية فقط ولكن عبر كل أسواق القارة الإفريقية، خاصة في ظل بحث أنقرة عن فضاءات بديلة عن أوربا التي تصد الأبواب في وجه طموحاتها.
إنها الوصفة التي يمكنها أن تؤسس لشراكة تكاملية بين الجزائر وتركيا، ليس على الصعيد الاقتصادي فقط ولكن على الصعيد السياسي كذلك، فالبلدان قادران على المساهمة بفعالية في إيجاد حلول سياسية لأزمات إقليمية ودولية تتهدد أمنهما واستقرارهما معا، في ظل تهديدات معولمة لا تعترف لا بالجغرافيا ولا بالحدود وعلى رأسها الإرهاب الدولي.