صدرت عن صندوق النقد الدولي قراءة ايجابية لمؤشرات الوضعية الاقتصادية في الجزائر متوقعا في قراءة استشرافية لخبرائه الصارمين انتعاش النمو في 2022، بتسجيل معدل بعد فترة تباطؤ في 2017، يكون فيها النمو عند معدل 1,5 بالمائة وتراجع إلى 0,8 بالمائة السنة المقبلة 2018، التي تضرب موعدا للانتعاش مجددا في ظلّ مناخ ملائم للمبادرة والابتكار الخلاق للثروة.
ترتكز هذه الرؤية على عناصر جوهرية توفر المناخ الملائم لمواجهة الظرف بكل صعوباته، من أبرزها تمتع المنظومة البنكية التي تعتبر عصب الاستثمار ووقود عجلة النمو بوضعية ايجابية تؤهلها لامتصاص الصدمة النفطية، والتعامل مع مسار بناء اقتصاد إنتاجي ومتنوع خارج المحروقات بارتياح، لكن شريطة الحرص على حماية الودائع بالتزام خطّ سير حذر في مجال تسيير وإدارة القروض الاستثمارية بتفادي العمليات غير المثمرة وتلك التي تفتقر للجدوى الاقتصادية.
العنصر الآخر المحفز يتمثل في تأسيس شراكة بين المؤسسات الاقتصادية العمومية والخاصة تكون جسر عبور إلى رحاب اقتصاد بديل يقوم على إنتاج الثروة خارج المحروقات، غير أن التجربة تقتضي تأطيرها بأحكام تنظيمية أو دفتر شروط يكتسي طابع قانون حتى لا يتسلل الذئب وسط القطيع، كما يقول المثل .
وبالطبع خيار استراتيجي بهذا الثقل يتطلّب توفير كل الضمانات للمؤسسات المعنية وتحصينها بما يمنع أي انحرافات، الأمر الذي يستوجب التدقيق في المشاريع وانتقاء المتعاملين الاحترافيين الذين لديهم سمعة في السوق ورصيد من الموارد والإمكانات أيضا، ويدركون عن قناعة أن الأفق يضع المؤسسة الجزائرية بكافة أصنافها على محكّ التنافسية ومن ثمّة المخاطرة بديمومتها إذا تأخرت عن موعد التنافسية .
يتعلّق الأمر هنا بالقطاع الخاص (الوطني أو بالشراكة الأجنبية) الذي يتأكد مركزه كل يوم في السوق كشريك في انجاز مرحلة تغيير النمط الاقتصادي وفقا للخيارات الإستراتيجية التي تدمج بين الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، مما يضع المؤسسة الإنتاجية في كل القطاعات على درجة من المسؤولية في استيعاب التحديات وإدراك الرهانات.
ويستوجب هذا الطموح انخراط رؤساء المؤسسات والمستثمرين في ديناميكية التعامل الايجابي مع الظرف من خلال متابعة مؤشرات المشهد الاقتصادي الوطني والعالمي ومراقبة تطور مؤشراته لامتلاك رؤية دقيقة تسمح بتوظيف عقلاني للموارد المتاحة واستعمال أفضل للإمكانيات، التي إن اجتمعت حول مشاريع إنتاجية وخضعت لإدارة رشيدة سوف تحقّق الهدف المتوخى ألا وهو الرفع من معدل النمو وتصحيح معادلته في المدى القصير.