باباس كما عرفته

فنيدس بن بلة
07 مارس 2017

لم تغادر الابتسامة محياه وهو يستقبل محدثيه دوما ويخوض معهم في قضايا الوطن، تحدياته وسباقه ضد الساعة من أجل أن تكون له كلمة الفصل واستقلالية قرار في اتخاذ الخيارات الأنسب والرؤى الاستشرافية لتعقيدات الظرف.
هكذا عرفنا محمد الصغير باباس عبر مختلف المحطات والحقائب الوظيفية التي تولاها وأدارها باقتدار وروح المهنية والمسؤولية دون تقاعس وملل.
هكذا عرفناه وعشنا جزءا من ممارسات مهام صعبة ومعقدة في غالب الأحيان نغطي إعلاميا أنشطته. لم يستسلم  للمحن ومتاعب الأمور والاختلالات ، تسلح بالمعرفة واستشارة الآخر في علاج ملفات وفق تقاسم وظيفي. أدار أعقد القضايا بالنقاشات الساخنة والحوارات المبنية على قاعدة الرأي والرأي المخالف إلى درجة وصف برجل الحوار.
من مستشار لرئيس الجمهورية بعد تولي حقيبة وزارة الصحة والسكان إلى رئاسة المجلس الاقتصادي والاجتماعي»كناس»، بقي المرحوم وفيا لقناعته وخياراته : مواصلة الوظائف التي أوكلت له بروح التحدي لبلوغ المآرب والهدف.
«الجزائر بلد كبير وهو أحق بإدارة شؤونه وتسيير ملفاته دون اتكالية على الآخر ووصفات الآخر».هكذا كان يقول لنا كلما التقينا به في تغطيات نشاط «الكناس» وإجراء حوارات مع خبراء يستدعون للتشاور والمرافقة في إعداد تقارير حرص عليها أن تحمل صبغة الجزائرية قلبا وقالبا، تعرّف الآخر بجهود كفاءات لها من القدرة المعرفية ما يفرض الاستماع إليها وأخذ مؤشراتها دون التسويق السلبي للصورة النمطية المشوهة لحقائق الأشياء التي ينتقص أصحابها من الجهد الوطني ويضعون كل ما هو «صنع في الجزائر» في أدنى المراتب.
بهذه الطريقة ثار باباس على التقارير التي كانت تروج لمغالطات عن الجزائر، مكاسبها وإنجازاتها مسوقة أرقاما وإحصائيات مروجة لحالات ما أنزل الله بها من سلطان.بهذه الطريقة تمكن من كسب مراتب متقدمة للبلاد في تقارير المنظمات الدولية والوكالات المختصة التي كان تضعها في آخر الاهتمام.
بهذه الرؤية الاستشرافية حول باباس  «الكناس» إلى ورشة عمل ومخبر يعد تقارير عن الوضعية الاقتصادية الاجتماعية في الجزائر، التنمية البشرية، الجماعات المحلية التي خاض بشأنها جلسات مشاورات وحوارات عميقة عبر مختلف جهات الوطن بعد أن كلفه بها رئيس الجمهورية لتكون المرجع والسند للسياسات الوطنية وتوجهات البلاد.
بهذه الممارسة رفع باباس التحدي وكشف عن الجزائري الآخر المبدع  المتجدد، الأصيل والمعاصر غير المتكل على الآخر في إعداد التقارير باستقلالية وجهد ذاتي منتزعا الاعتراف بهذا الجهد واتخاذه مرجعية أبدية في دراسة الحالة الجزائرية دون القفز على هذا المعطى الثابت.
قام باباس بهذه المهمة الصعبة المعقدة أحيانا بابتسامة لم تفارقه متحديا الذهنيات المنتقصة للجهد الوطني معارضا الأراء غير المؤسسة عن التحدي الجزائري. قام بهذا بابتسامة غير مستسلم للمرض الذي ينخر جسمه وجسده فكان نعم المسير والإطار المعبر عن الضمير الجمعي الحي  للنخبة التي تريد دوما أن تكون في الطليعة، تطرح البدائل والاقتراحات وتتخذ من المتاعب قوة انطلاق نحو التغيير بروح المسؤولية وأخلاقيات المهنة بكل اقتدار.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024