في المواقع الأمامية

جمال أوكيلي
22 نوفمبر 2016

كانت النخبة المثقفة الجزائرية في المواقع الأمامية قصد التصدي لكل المحاولات الإستعمارية الرامية إلى مسخ الشخصية الوطنية المتجذرة في أعماق هذا الشعب الثائر وهذا عبر وسائل ناعمة منها إنشاء الصحف، وتأسيس النوادي، وإنشاء الجمعيات وحتى الأحزاب فيما بعد عندما بلغ الحس الوطني أوجه ودخل الجميع في مواجهة مخططات الطمس باعتماد الندية في الميدان.
هذا العمل التحسيسي البعيد المدى الهدف منه هو إبراز للطرف الآخر أن هناك حزائريين لهم القدرة الفائقة، والكفاءة العالية في صنع الفارق وإقامة التميز في الكثير من المواقع وهذه الخصوصيات الجزائرية هي التي كانت دائما في صراع شديد مع المستوطنين الذين قدموا إلى هذه البقعة الطاهرة من كل المناطق الأوروبية باسم الإعمار.
وهذه النخب هي التي بلورت الوعي عند الجزائريين بشكل عال، وبمستوى لائق نظرا لتفاعلها مع كل المستجدات آنذاك لذلك فإن حزب نجم شمال إفريقيا لمصالي الحاج ورد في برنامجه المطلب التاريخي الخاص بالإستقلال الوطني، والقضاء على النظام الكولونيالي القائم على الاستغلال، هذا ما يكشف عن أن النخب المثقفة الجزائرية لم تكن تعيش في سرايا المحتل، بل كانت تعد العدة لليوم المشهود.. وهذا عن طريق مقاومة الإدارة الإستعمارية بكل الوسائل المتاحة والإمكانيات المتوفرة.
لذلك جاء هذا الوعي بارزا مرة أخرى لدى برنامج حزب الشعب الجزائري الذي يعد خلاصة إنصهار نضالات الحركة الوطنية في بوتقة واحدة خاصة تلك التي تؤمن إيمانا قويا بالعمل الثوري وهو التيار الذي كانت له الأغلبية في الدفع بالنضال إلى ذروته باختيار الصفوة المثقفة التي سيرت دواليب هذا التنظيم وانتقلت به إلى الصدام مع الإحتلال، وهذابتأسيس الجناح العسكري (المنظمة الخاصة).
هذا الشعور العميق بالنشاط الثوري، نجده ظاهرا في أحداث 08 ماي 1945، وبعد 10 سنوات عند اندلاع الثورة.. فبماذا نصف أولئك الذين صاغوا بيان أول نوفمبر؟ هل تجاوزوا زمانهم؟ نظرا لما تضمنه من عبقرية في المضمون، هذا التسلسل في المنطق التاريخي أبدعت فيه النخب الجزائرية المثقفة، التي كانت نابعة من الأوساط الشعبية لذلك أبقت على تلك الصلة القاعدية مع الوسط الذي إحتضنها بكل قوة فيما بعد، لذلك فليس من الغرابة أن يعتبر الجزائريون هذه الوثيقة المرجعية في مسيرتهم الوطنية كونها أعلنت القطيعة مع الإستعمار.. ومهدت لأرضية تحرر، تتوج بالإستقلال الوطني فيما بعد، يليها بناء الدولة الوطنية بكل أبعادها ومكوناتها هذه الأهداف كلها تحققت بفضل الفكر النير للنخب المثقفة الجزائرية.. التي ضحت بكل ما تملك لاسترجاع السيادة الوطنية مهما كلف ذلك من ثمن وهذا هو مسار النضال الذي آمن بهذا الوطن.. على أن يكون حرا منذ 1830 إلى غاية 1962.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024