أبقى مشروع قانون المالية لسنة 2017 قيمة التحويلات الاجتماعية في مستويات عالية، بالرغم من التراجع في الايرادات و الصعوبات المالية التي تعرفها الجزائر كباقي الدول المصدرة للنفط بعد انخفاض أسعار المحروقات، حيث تم تثبيت هذا الكسب للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن الذي لن يتأثر بالنسبة للمواد الاستهلاكية الأساسية.
فسياسة الدعم تبقى سارية المفعول و خصصت لها قيمة مالية معتبرة، والتي تدخل في اطار الاختيارات الكبرى للدولة الجزائرية بالحفاظ على التوازن الاجتماعي وتمكين الأسر من الاستهلاك بشكل منتظم للمواد التي تحتاجها.
من خلال هذه الخطوة تؤكد الحكومة حرصها على توفير الظروف الأساسية للفرد الجزائري، وعدم تأثيره بانكماش الايرادات المالية للجزائر في السنوات الأخيرة ، خاصة والقرارات التي اتخذت في السنوات الماضية أعطت للجزائر أريحية مالية تمكنها من تسيير الظروف الصعبة بحنكة و اتزان.
من أجل فعالية «التحويلات الاجتماعية « و بالتالي سياسة الدعم، فإن التفكير ينصب حاليا في ايجاد ألية سلسة تمكّن من وصولها بـ « فعالية « مباشرة للفئات ذات الدخل المحدود، لكي تؤدي هذه الصيغة دورها بالذهاب للأشخاص الذين يحتاجون هذا الدعم .
يلاحظ ان تراجع أسعار النفط ولّدت هبّة حقيقية بالجزائر للابتعاد تدريجيا وبوتيرة متدرجة عن الاعتماد بنسبة كبيرة عن ايرادات المحروقات، للخروج من هذه الدائرة غير المريحة بتنويع الايرادات وترشيد النفقات للوصول الى احداث التوازنات الضرورية حتى لا تتأثر الخزينة بـ «رغبات « السوق النفطية العالمية في كل مرة.
لعل الاجراءات الجديدة المتخذة في اطار « تقوية « الاقتصاد الجزائري في المجال الفلاحي سيدعم الانتاج محليا الذي يصب في تدعيم الأسواق بوفرة كبيرة، مما سيعجل بانخفاض أسعار المواد الغذائية التي ستكون في صالح المواطن الذي سيرى بدون شك قدرته الشرائية في مستوى محترم .
كما أن المجال الصناعي يمر» بفترة زاهية «، أين أكدت أخر التقارير عن قفزة نوعية فريدة من نوعها في دخول الجزائر دائرة البلدان المنتجة للسيارات التي بفضلها سوف يتم تقليص نسبة المبالغ التي كانت تخصص لاستيراد السيارات .. كما أن هذه الخطوات سوف تعطي فرصا كبيرة لامتصاص البطالة من خلال انشاء مصانع صغيرة «تموّن « المصانع الرئيسية لمختلف «الماركات « العالمية التي اختارت الاستثمار في الجزائر في شراكة لها أفاق واعدة .
الأمر المهم في هذا الشأن ان التفكير سيكون بالتصدير خلال السنوات المقبلة بالتركيز على السوق الافريقية التي تعد بوابة طبيعية للجزائر التي اهتمت دائما بهذه الاستراتيجية من خلال التركيز على المنشأت القاعدية، على غرار الطريق العابر للصحراء الذي سيكون دوره استراتيجيا في المستقبل القريب .