فوبيا التعالي

بقلم : نوردين لعراجي
11 نوفمبر 2016

لا أفهم جيدا ماذا يحدث في الوسط الأدبي الجزائري من صراعات وهمية وتكتلات تتفاقم لتكبر، كما تكبر الحيتان الصغيرة، لكنها سرعان ما تصغر في الواقع، لتنتهي إلى الزوال، وان كانت تشبه أنظمة الكارتل الاقتصادية، إلا أن هذه الأخيرة  تمتلك الرؤية وحسن التدبر ومنطق الحساب، ولا أقول سوء الخطاب، الذي صار مرافقاً لكل أولئك الذين يمتهنون الكتابة بالخط العربي على عكس الكتاب والأدباء مزدوجي اللغة الذين لم أشهد أن غمرتهم هذه النظرة الاقصائية العرجاء طيلة متابعتي للمشهد الثقافي ما يزيد عن ثلاثة عقود وأكثر من المتابعة والمرافقة، لم أسمع ولا  شاهدت هذا الصراع الوهمي بين  الأدباء كما هو اليوم، أعتقد أن هذه الفوبيا ليست وليدة نفسها وإنما هناك ظروف مرافقة لها ساعدتها على التكاثر والتناسل وشجعتها لتسقط في جنون الحرف والتعالي والشعور بالعظمة بعد عمل أدبي أو ثلاثة أعمال رافقت مسيرتها الإبداعية، ما يعني أنها وصلت، مما توّلد لديها نوع من الشوفينية فاعتقدت أنها  قاطرة الركب وهي أحق من أن تتبع من غيرها أو بمعنى أصّح الجميع “طاب جنانو”.
 ما يحدث اليوم من أشكال للصراع والمجايلة، إنما في الحقيقة هي طموحات وهمية لا صلة لها بالواقع لأن الأديب أو الكاتب مجرد روح تتنقل من نقطة بداية وتنتهي إلى خاتمة، لا يمكنه التحرك في مدارات الإبداع أو الكتابة ومعناه الموت البيولوجي، في المقابل يبقى النص هو الخالد والباقي مهما كانت الأسباب أو الظروف، والعمل الجيد هو من يترك أثره بالغا في الحياة والمشهد الثقافي أو الأدبي ليس هناك شيء أخر.
فأعمال كل من عباس محمود العقاد، طه حسين، جبران خليل جبران، رضا حوحو، بن هدوقة، وطار، والقائمة طويلة جدا ، أليست هي التي تحضر اليوم بيننا على رفوف مكتباتنا وفي دراساتنا الجامعية وفي ملتقياتنا وندواتنا الفكرية، أليست هي رغم أن أصحابها صارت عظامهم رميم؟
إذا كان الطموح مشروعا وحضاريا فإن الاختلاف ليس معناه الإلغاء أو التهميش أو اللامبايعة، بل أن الاختلاف هو أن تنظر إلى الآخر كنص أدبي لا كشخص لأن الشخوص في حد ذاتها ، رؤى مختلفة تتغير كلما تغير النص الذي بين أيدينا، فتجدنا تارة نحبه وتارة نمقته ومرة أخرى نحمّله كل نكبات الأرض، جميل أن ينعكس التعامل على متون نص جيد يشي بالإبداع على علاقات اجتماعية يكون المنتصر فيها النص ولا أحد غيره.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024