تحول بـ360 درجة

فنيدس بن بلة
09 نوفمبر 2016

هل هو امتداد لموجة انتصارات التيارات اليمينية وصعودها إلى أعلى قمم الهرم السياسي في مختلف بقاع المعمورة، خاصة البلدان التي تعيش على وقع الأزمات والهزات الارتدادية. عاشت تجاربها مختلف دول أوروبا وولدت مخاوف بانقلابات وتحولات جذرية تضرب عمق المجتمعات وتهدد الأنظمة السياسية وتجعل الديمقراطيات الغربية تعيد حساباتها وتعمل ما في المقدرة من أجل التلاحم والتآلف وترك الخلافات بين التشكيلات السياسية جانبا معتمدة على حلف سياسي غير معلن تقول إن هدفه صيانة أسس الديمقراطية وقيم انتزعت بنضالات طويلة وتضحيات جسيمة.
عشنا هذه التجارب مع فرنسا في مراحل معينة، ألمانيا، النمسا وبولندا مع تصاعد اليمين إلى أعلى درجة ترك السياسيين ينطلقون في حملات تعبئة وظفت فيها شخصيات رياضية واقتصادية من العيار الثقيل لإعادة الكفة لميزان نظام سياسي مختل وديمقراطية تطالها خيارات فرضها تصويت انتقامي لمواطنين ملوا الوعود الكاذبة وتركوا على هامش النسيان يواجهون أزمة هيكلية في منطقة الأوروزون، تسبّب فيها ساسة يتفقدونهم عند المواعيد الانتخابية فقط.
إنه السؤال المحير الذي يعود إلى الواجهة مع انتخاب دونالد ترامب الذي خالف كل التوقعات والتحاليل وأعطى مقاربة أخرى عن النظام السياسي الأمريكي وتوجهات الرأي العام ولعبة اللوبيات وتأثيراتها على القرار واختيار ما هو أنسب وأسلم وأفيد لرعاية المصالح والنفوذ والإبقاء على الولايات المتحدة دوما في الريادة والزعامة.
من هذه الزاوية، نقرأ المتغير في الولايات المتحدة التي تابع رئاسياتها ملايين البشر وشدت اهتمام المحللين السياسيين ومراكز سبر الآراء وحسابات توجهات الرأي العام.
من هذه الزاوية، نفهم كذلك كيف أعطى الرئيس المنتخب صورة أخرى تكاد تكون مغايرة للحملة الانتخابية، التي لعبت فيها الصورة الدور الحاسم وفرضت نفسها في عالم السمعي البصري العجيب، قاهر حواجز الجغرافيا وحدود السياسة، مقرب المسافات البعيدة في القرية الواحدة الشفافة.
أعطى ترامب، بمجرد انتخابه، صورة مغايرة، أظهر من خلالها أنه رئيس كل الأمريكيين يعمل مع الديمقراطيين اليد في اليد من أجل إعادة أمريكا إلى سابق عهدها من القوة والبناء، مادّا يده لمن لم يصوت عليه في هذا التوجه الذي يعطى الانطباع أن الوضع الداخلي هو أولى أولويات الظرف الحاضر والآتي.
تصويت الأمريكيين على ترامب رسالة غير مشفرة، تعني أنهم يريدون التغيير ويتطلعون لوجه سياسي آخر يقودهم في محطات أخرى، حتى وإن كانت التشكيلتان - الديمقراطيون والجمهوريون - اللتان تتقاسمان الحكم منذ الأزل وتفرضان الثنائية القطبية في نظام سياسي هما وجهان لعملة واحدة. نظام سياسي تلعب فيه لوبيات المصالح والنفوذ دور المقرر الوحيد الحاسم في الأمور.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024