التحليل الأسبوعي

المنظومة البنكية أمام منعرج حاسم

سعيد بن عياد
29 أكتوير 2016

تقف المنظومة البنكية أمام منعرج حاسم في التحوّل من الطابع التقليدي لبنك يقتصر دوره على توزيع القروض دون الفصل في جانب جدوى الاستثمارات المعلنة ودفع الرواتب، إلى بنك استثماري «يحشر انفه» في كل ما له صلة بالتمويل العمومي مع ترقية باقي الخدمات الموجهة للزبائن، خاصة بفضل توسيع استعمال أنظمة الدفع الالكتروني.
في هذا الإطار، فتح بنك الجزائر المجال أمام البنوك التجارية إمكانية اللجوء إلى إعادة التمويل لديه من خلال اعتماد سندات الخزينة والقرض السندي، مما يبعث في أوساط عالم المال والأعمال حالة اطمئنان بخصوص وفرة السيولة المالية ما يعزّز من مؤشرات تحسن مناخ الاستثمار أمام المتعاملين والمؤسسات التي لديها قناعة بالعمل باتجاه نفس الهدف وهو انجاز نسبة نمو معتبرة خارج المحروقات والتقليص أكثر فأكثر من الاستيراد.
ومن شأن الإجراء الذي اتخاذه بنك الجزائر الذي يواجه وضعية مالية صعبة أن يساهم في تقليص العجز في الميزانية ومنع استمرار تراجع قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية خاصة الـ»يورو» والدولار، في ظلّ تصميم الدولة على ضمان ديمومة التنمية والرفع من وتيرته عن طريق اتخاذ كافة التدابير التي تدفع إلى النمو من خلال تنمية الاستثمارات المنتجة في قطاعات خارج المحروقات مثل الفلاحة الصناعية والتحويلية والسياحة والخدمات.
ولعلّ أكبر معضلة، تقف في وجه بنك الجزائر بقيادة محمد لوكال، الخطر الداهم لتراجع احتياطي الصرف الخارجي من جانب وظاهرة السوق السوداء من جانب آخر، بالإضافة إلى تحدي عصرنة البنوك لتصبح خلايا نشيطة تحرك دواليب الاقتصاد الوطني بكافة حلقاته دون تمييز بين الفاعلين، ذلك أن الهدف الاستراتيجي المسطر يتمحور حول خلق الثروة وحماية الموارد من كافة أشكال الفساد في مرحلة تتطلب مضاعفة جهود المراقبة والمرافقة الايجابية واسترجاع القروض.
وبخصوص القروض بالذات، فإن البنك التجاري مطالب بالتحول إلى طرف مبادر باعتماد خيار الانفتاح الواسع على متعامليه وزبائنه من خلال إرساء أسلوب عمل ينخرط فيه المستخدمون ويفتح المجال أمام الكفاءات في المهن البنكية والمالية ليساهموا في تحسن الأداء وتجاوز المعوقات التي لطالما أضرت بصورة البنك العمومي الذي يبقى الرقم الصعب في معادلة إنعاش الاستثمار وتمويل المشاريع الإنتاجية مع مزيد من المبادرة ذات الطابع الاحترافي في وقت تحقق فيه بنوك أجنبية في نفس السوق مكاسب هائلة.
ويمثل تحصيل القروض التي منحتها البنوك في فترات سابقة لمتعاملين ومؤسسات ومستثمرين أول امتحان بشأن احترافية البنوك العمومية وقدرتها على تحصين خزائنها، وعليه ينبغي العمل - بالموازاة مع مسار العصرنة والانفتاح - على جبهة معالجة كافة ملفات القروض البنكية من أجل استرجاع حقوق الأموال العامة وعدم التردد في القيام بالالتزامات تجاه الزبائن المقصرين عن طريق المطالبة بالتسديد أو تحويل الديون إلى مساهمات في الشركات المعنية انسجاما مع أصول الأسواق المالية العالية.
ويتطلب هذا إعادة الاعتبار للموارد البشرية العاملة في الحقل البنكي من أجل تعزيز حلقة الثقة وبعث روح المبادرة ليتحول البنك إلى متعامل يغلب عليه الطابع الإداري بكل ما فيه من نقائص إلى عنصر فاعل بكل ما يتطلبه من دينامية وشفافية تدفع إلى تقوية أدوات حماية الموارد والحرص عليها لتصب في المسارات الاستثمارية الخلاقة للثروة. فبالرغم من التحسن المسجل لمؤشر منح القروض إلا أن هناك ضعف على مستوى إنتاج الثروة بالحجم المطلوب، أي المساهمة في تنمية الصادرات.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024