آفاق جديدة

فنيدس بن بلة
25 أكتوير 2016

تحمل زيارة الوزير الأول النيجري بريجي رافيني إلى الجزائر دلالة ومعنى، خاصة في هذا الظرف الاستثنائي الذي تعرفه دول الجوار من تداعيات أمنية وتهديدات تفرض الحوار والتشاور وتنسيق المواقف. وهي مبادئ ثابتة في سياسة الجزائر الخارجية التي أولت دوما عناية لدول الجوار والساحل، باعتبارها تشكل العمق الإفريقي الذي تتحرك الدبلوماسية الجزائرية في دائرته الجيو سياسية والاستراتيجية، وترافع من أجل التسوية السياسية للتعقيدات، تتولاها القارة السمراء دون تدخل خارجي.
لم تتوقف الجزائر، التي حذرت دوما من الانسياق وراء إملاءات الخارج ووصفاته، في المطالبة بالحلول الإفريقية للمشاكل، تبعد عن القارة السقوط الحتمي في الأجندات الخارجية وما أكثرها.
رافعت بهذا عبر منبر الاتحاد الإفريقي وآلياته وجددت التأكيد عليه من أعلى قمة الهرم السياسي الدولي قائلة، إن إفريقيا بلغت درجة من التطور والتقدم ووضعت آليات التكفل بهمومها، لابد للآخر من الاعتراف بها والتخلي عن الصورة النمطية التي تجعل منها، خطأً، قارة المآسي والكوارث والانقلابات، واعتبارها فوق كل هذا قارة قاصرة لا تقوى على إدارة شؤونها ومشاكلها ونزاعاتها.
هذه النظرة الاستشرافية للدبلوماسية الجزائرية، التي ترى جازمة ضرورة إقامة مشاريع قارية مشتركة تحدث التكامل بين الوحدات السياسية، تسد أية فجوة اختراق، طبقتها بلادنا في الميدان ولم تبق عليها في الخطاب السياسي فقط.
دعمت الجزائر مشاريع قارية في مختلف جهات القارة ومفاصلها عبر الشراكة الجديدة من أجل إفريقيا “نيباد” ووجدت التزكية والدعم من قبل الهيئات الأممية والمنظمات الدولية في أكثر من موقع ومكان.
دعمت هذه المشاريع ودعت إلى علاقات اقتصادية أكثر توازنا ومتانة بين الدول الأفريقية، تمنحها حرية التحرك والمبادرة وتعطي قرارها السياسي قوة الاستقلالية تكسر به التبعية لمستعمري الأمس العائدين لبسط نفوذهم وسيطرتهم بوسائل أخرى، منطلقين بأكبر سرعة وبأسلوب أملاه وقع الأزمة المالية الاقتصادية التي تضرب بلا توقف منطقتي الأوروزون والدولار.
نجحت الدبلوماسية الجزائرية في سد فجوات أمنية وشروخ سياسية بدول الجوار اعتمادا على جولات حوار سياسي بين الفرقاء، مثلما جرى مع الأزمة المالية المتوجة باتفاق سلام تاريخي شكل مرجعية لباقي الأزمات، منها الليبية. وهي سائرة في طريق تجسيد مشاريع تضمنتها اتفاقات تعاون وشراكة، لاسيما مع النيجر.
من هذه الاتفاقات التي تتصدر أولى صفحات العناوين الإعلامية ويتناولها الخبراء بالتحليل المعمق والرؤية البعيدة، مشروع الطريق العابر للصحراء، الممتد على طول 7 آلاف كلم، ولم يبق من إتمامه سوى 220 كلم في الجزء المتواجد بالنيجر.
هذا الطريق، الذي يربط الجزائر بلاغوس عبر نيامي، هو شريان الحياة الاقتصادية والقلب النابض للتكامل القاري في أبعد مداه وأوسعه على الإطلاق.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024