نهاية الكابوس ليس غدا

فضيلة دفوس
25 أكتوير 2016

لن نجانب الصّواب حتما بقولنا أنّ تفجير الأزمات وإشعال الحروب وضرب وحدة الشّعوب والزجّ بها في دوّامة الاقتتال والتّدمير الذّاتي أسهل بكثير من إنهاء هذه الحروب وترميم الشّرخ الذي أحدثته، وقبل ذلك وبعده إعادة الثّقة بين أبناء البلد الواحد الذين بلغ بهم الأمر إلى درجة استباحة دماء بعضهم البعض وإراقتها تلبية لتوجيهات هذه الجهة وأوامر وإغراءات الأخرى.
ضمن هذه الحقيقة تبدو الأزمة السّورية اليوم مستعصية على الحل رغم أنّ المؤشّرات تؤكّد بأنّ الجهات الدولية والإقليمية التي فجّرتها قبل نحو ستّ سنوات، ونفخت في جمرتها إلى أن حوّلتها إلى نار مستعرة أتت على الأخضر واليابس، تريد فعلا حلّها لأسباب عديدة بعيدة كلّ البعد عن الرأفة بالحال الذي آل إليه وضع ذرّة الشّام وأهلها، ومرتبطة ارتباطا وثيقا  باختراق نيران هذه الأزمة حدود سوريا وامتداد لهبها إلى الدول التي أجّجتها من خلال التهديدات الإرهابية وأمواج اللاّجئين بالنسبة لبعضها والأزمات الاقتصادية وحالة الإفلاس المادي بالنسبة للبعض الآخر.
بعد ستّ سنوات من الفوضى الخلاّقة والقتل والارهاب والتدمير، كان لابد للأزمة السّورية  أن تكبر وللحرب أن تفيض بمآسيها وتداعياتها على الخارج، الأمر الذي يحرّك الجهود لإنهائها، وتبدو الرغبة في وضع حدّ لها أكثر جدّية من أيّ وقت مضى، إذ هناك إجماع على حلحلة هذه المعضلة قبل أن تفجّر حربا أخرى انطفأت قبل ربع قرن، وهي الحرب الباردة التي تبدو  ملامحها قادمة من بعيد.
لكن وكما قلت في البداية إطفاء نيران الحروب   ليس بسهولة إشعالها، والأمر حتما سيستغرق  وقتا وربّما سنوات جمر أخرى يكتوي خلالها الأشقاء السوريين الذين ضلّ بعضهم الطريق، وأغرق البلاد في الدمّ والدمار.
الحلّ في سوريا آت لا محالة، لكن طريقه غير معبّدة بعد بالنّظر إلى تعقّد الوضع هناك والقبضة الحديدية والابتزازات التي يمارسها من يتحكّمون بخيوط الأزمة، وهو يحتاج إلى إرادة فعلية من طرف السّوريّين أنفسهم ليتحرّروا من  الولاءات لجهات حوّلتهم إلى وقود لحرب يقودونها بالوكالة.
يبقى فقط في الأخير التأكيد بأنّ التفاؤل المرتبط ببوادر تسوية الأزمة السورية، يقابله تساؤل ملحّ عن مصير دمويّي «داعش» المرتزقة، الذين تمّ تجنيدهم وتجميعهم من عدّة دول، وفي مقدمتها الدول الغربية للقيام بمهمّتهم القذرة في بلاد الشام، فالأكيد أنّه بعد انتهاء هذه الأزمة لن تتمّ إعادتهم إلى بلدانهم،   والخوف كلّ الخوف من أن يكون تجار السلاح والموت والدمار قد حدّدوا لهم وجهة أخرى لأداء مهمّة قذرة جديدة.
واعتقادي كبير بأنّ هؤلاء الإرهابيّين هم الآن في مرحلة انتقال إلى موقعهم الجديد، فمنذ مدّة لم تسجّل لهم عمليات دموية استعراضية كبيرة،الأمر الذي يمكن قراءته على أنّه الهدوء الذي يسبق العاصفة القادمة، ربّما بعد انتهاء الكبار من استحقاقاتهم التي لا يريدون لشيء أن يعكّرها.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024