تعمل وزارة الداخلية والجماعات المحلية على إعداد نص قانوي استثنائي خاص بالجباية المحلية فريد من نوعه ، بالنظر إلى الموارد المتاحة التي تسمح للآليات الموضوعة باسترجاع كل ما تدرّه باستغلال الأملاك استغلالا عقلانيا يعود بالنّفع على البلديات.
هذا التوجه الجديد ممرّ إجباري، لابد منه، كون الجهات المسؤولة قرّرت أن تحدث تلك النّظرة الشّاملة في نطاق الخوض في تجربة الإستفادة من الأموال الموجودة في أكثر من قطاع حيوي على مستوى إقليم البلدية.
وهذه الرّؤية الواقعية هي ترجمة لانشغالات هذه المؤسّسات القاعدية، للتكفل بكل احتياجاتها الضّرورية خاصة التنموية منها، وما بلغته من درجة عالية من الصّعوبة والتّعقيد في التّركيب المالي تجاه المشاريع المقترحة، خاصة في الظرف الراهن المتسم بالصّعوبة في مجمله.
الهدف من كل هذا هو إعادة الإعتبار لمداخيل البلدية، بتقنين هذا الجانب الحيوي وفق ما أراده المنتخبون المحليون، الذين ما فتئوا يطالبون بتسوية هذا الملف على أساس الوضوح في كيفية التحصيل المبني على خلفية قانونية صارمة، تخدم المصلحة العامة المراد بلوغها.
وهذه الإرادة الرّاهنة ما هي إلاّ تواصل منطقي في اتجاه إدراج البلدية ضمن التصور العام، الرّامي إلى اعتبارها كيانا إقتصاديا قائما بذاته، ولابد عليه أن ينشط من أجل أن يكون عند هذا الموعد المعول عليه.
وبهذا يكون رؤساء البلديات في منأى عن كل التحفظات التي يبدونها في كل مرة يتعلق الأمر بمطالبتهم بالتحرك في الميدان، وتدعيم خزينة البلدية، وهي النّداءات المتكرّرة الصّادرة عن الوصاية من أجل التحكم أكثر في المصادر التي تعد أساسية بالنسبة للبلديات، وتسييرها على قاعدة اقتصادية بحتة.
في هذا الشّأن، فإنّ التّفاعل مع دعوات وزارة الداخلية والجماعات المحلية كان له الأثر الإيجابي بالنسبة لـ ١٤ بلدية سياحية أقامت مراكز تخييم مقابل دفع رسم المكان، أدّى إلى زيادة مداخيلها الإجمالية بـ ٢٠٠ ٪ أي من ٢٢٨ مليون دينار إلى ٦٧٠ مليون دينار، في موسمين فقط، ومباشرة تقلّصت نفقاتها من ١٠ ملايير، دينار إلى ٢ ملياري دينار.
هذا النّشاط الأول من نوعه في إطار الانخراط في هذه المبادرات، وبإمكان البلديات الأخرى أن تحذو حذو نظيرتها في مجال آخر أكثر دخلا، وهذا الفضاء مفتوح لأي مبادرة في الأفق تسمح بضمان تحصيل وفير، فلا يكفي الاعتماد على ما يأتي من العقار، رسم التطهير، ركن السيارات والقيمة المضافة.
كل هذا من أجل منح البلديات مهام جديدة منها الاعتماد على الذات في تمويل نفسها، وهذا هو الهدف المتوخّى ممّا تقوم به السلطات العمومية حاليا، من أجل تغيير الذّهنيات وفق متطلّبات حديثة تستدعي التكيف معها مهما كان الأمر.