«الأزمة تلد الهمة»، حكمة تأكدت منها وأنا أشاهد مقطع فيديو على موقع فيسبوك، يظهر مجموعة من الشباب الجزائريين يدخلون في مشادة كلامية مع شباب آخرين من إحدى دول المشرق العربي. احتجاجا على قيامهم بحملة جمع أموال لفائدة الجماعات الإرهابية في سوريا وسط العاصمة البريطانية لندن. تحت مبرر نصرة من يسمونهم بإخوانهم المجاهدين هناك.
من خلال كلام أحدهم وهو يعبّر عن اعتراضه على جمع الأموال، تستشف مستوى الوعي الذي أصبح يتمتع به الجزائريون عندما يتعلق الأمر بالإرهاب وممارسته. حيث تحدّى هذا الشاب من كانوا يجمعون الأموال بالقول. لماذا لم يوجه من تسمّونهم بالمجاهدين أسلحتهم إلى الكيان الصهيوني؟ أم أن هذا الأخير هو من قام بتسليحهم وأقام لهم المستشفيات الميدانية لمعالجتهم في الجولان السورية! - أضاف قائلا- ليقوموا بتخريب بلدانهم وبلدان العرب والمسلمين، قبل أن ينصحهم بالكف عن إشعال الفتنة وعن دعم الإرهاب الدموي الذي يقتل الأطفال ويغتصب المراهقات في سوريا والعراق...إلخ.
إن الكلام الذي سمعته من هذا الشاب، يثبت أن المحنة والمعاناة التي تكبدها الشعب الجزائري في مواجهة الجماعات الإرهابية الظلامية خلال العشرية السوداء، زودته بوعي كاف جعله يمحّص بين الدين الإسلامي السمح وبين الإرهاب الذي يرتدي هذا القناع لقتل الأبرياء وتحطيم الأوطان، خدمة لأجندات لم تعد تخفى على أحد وهذا ما يفسر فشل تنظيم داعش الإرهابي في تجنيد الجزائريين وإيجاد موقع قدم له في الجزائر، بينما التحق بصفوفه الآلاف من المغاربة والتونسيين - بحسب أحد التقارير التي تم نشرها مؤخرا.
هذا الوعي الشعبي بخطورة الإرهاب، جعله يفقد حاضنته الشعبية في الجزائر بعد دخول الشعب والجيش الوطني الشعبي في خندق واحد في مكافحة الإرهاب الذي أصبحت عناصره تتساقط كأوراق الخريف السنوات الأخيرة تحت الضربات الموجعة للجيش الوطني ومختلف الأسلاك الأمنية، لتثبت الجزائر بهذا أن ليس فيها مأوى للإرهابيين الذين أصبح مجرد تفكيرهم في الدخول إلى الأراضي الجزائرية يعد انتحارا وهذا عكس ما تروجه بعض التقارير المغلوطة التي يبدو أنها لم تخضع لعملية تحيين منذ عشرين سنة خلت.