تنحي الأمين العام للأفلان عمار سعداني من على رأس الأمانة العامة للحزب العتيد، وإن تمت بطريقة أكثر ما يقال أنها ديمقراطية وبممارسة رفيعة المستوى وحضارية، إلا أنها جاءت مفاجئة للكثيرين، وقد أصر فيها الرجل على التنحي رغم رفض أعضاء الجنة المركزية للأفلان ذلك، وحتى طريقة تعيين الخليفة المؤقت التي هي من صلاحيات الأمين العام، جرت في ظروف عكست الوجه الحقيقي لرجالات الحزب، الأمر الذي لم نشهده في خلافة عبد العزيز بلخادم، وقبله المرحوم عبد الحميد مهري ولا بوعلام بن حمودة ولا لمن سبقوه، ودورة سان جورج شاهدة على حلبة الصراع بين الأخوة الفرقاء.
استقالة سعداني حتى وإن ربطتها بعض الأوساط بخرجته الأخيرة في الإعلام إلا أنه استطاع أن يصنع من دورة الأوراسي شكلا جديدا من الاستقالات، تعكس مثيلاتها، عرفها الفضاء نفسه في دورة اللجنة المركزية سنة 1995.
من تابع مجريات الأشغال لاشك أنه لاحظ حالة الترقب والحذر مرسومة على وجوه العديد من الأعضاء تنتظر العد التنازلي لختام كلمة سعداني، ما يوحي مرة أخرى أن الممارسة داخل الحزب لم تكن كما سابقاتها كنشر الغسيل على السطوح، أو التصريح عن بعد، أو غيرها، بل كل شيء تم داخل الأطر النظامية والقانونية للحزب وهوالأمر الذي لم نألفه في العديد من تشكيلاتنا السياسية اليوم.
تنحي سعداني ليس معناه توقف قاطرة الحزب، إلا أن الرجل استطاع في آجال قصيرة جدا مقارنة بعمره القصير على رئاسة البيت أن يكسر أبواب الصمت، طبعا ليست أبواب عمار العسكري وإنما أبواب المسكوت عنه التي أخرجها إلى المشهد وزاد فيها تنزيلا.
لقد جاء الرجل إلى دواليب الحزب تحت الزغاريد وهاهو يغادر البيت تحت التصفيق، بعيدا عن الملاسنات والاشتباكات والعصابات والبلطجية، وتبقى الأسئلة خلفه تصنع المشهد السياسي والإعلامي إلى أين غادر سعداني؟