فتح محمد هدير أستاذ بالمدرسة العليا للصحافة، نقاشا ثريا حول واقع العمل الإعلامي بالجزائر على ضوء التجربة المتبعة في عينات من الركائز الموجودة في المشهد الراهن عندنا.
وقد تناول الأستاذ هدير خلفيات التأثير الصادر عن وسائل الإتصال في المجتمعات الغربية وخاصة الأمريكية منها التي تملك كل تلك المنظومة الرامية إلى تحقيق الأهداف المسطرة بدقة متناهية وخير دليل على ذلك العراق الذي كان النموذج العملي في هذه السياسات الخطيرة للإستيلاء على مقدرات الشعوب.
وخصص الأستاذ هدير إنشغالا مميزا للعلاقة الجدلية الموجودة بين الفعل الإعلامي الحامل المضمون محدد والسياسة الخارجية القائمة على البراغماتية والمنفعة المباشرة المتحصل عليها في حالة التدخل العسكري.
وهكذا، فإن الآليات المستعملة ليست بسيطة وإنما لها وقع على سيرورة الأحداث.. فقد بدأ العمل بما يسمى بـ«لجنة المعلومات العامة» و«تقنيات الدعاية الجديدة» و«تنظيم العقل قطعة بقطعة»، واستغلال كل الفرص المتاحة من ما أطلق عليه إصطلاحا بـ«الميديا» وهي نسق متكامل من قنوات نقل الفكر الأمريكي إلى الآخر، وفي مقابل هذا النشاط لا يوجد أي تشويش على هذا التوجه أو بالأحرى يمنع منعا باتا محاولة المساس بكل هذا الأمر.
وهذا النسق الإعلامي ـ السياسي تحول إلى مركب صناعي حربي لغزو الشعوب وخلال حرب العراق رفض التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إظهار أي صورة لجثامين الجنود الذين قتلوا في هذه الحرب وكانت «المصلحة» المشكلة لهذا الغرض هي التي تتدخل من أجل إرسال الصور التي تراها مناسبة لبثها عبر القنوات في كل محطات العالم، ولم يسجل آنذاك أي ردفعل من قبل التلفزيونات المعروفة في الغرب التي من عادتها الإحتجاج على كل من يعطل عملها.
وهذا دليل قاطع على التوافق في الرؤى من أجل تدمير العراق، فاللعبة معقدة جدا ومن الصعوبة بمكان مسايرتها كونها جمعت كل الأطراف المكلفة بمهام خاصة في هذا البلد كيف يفسر انتقال وفد المفتشين الدوليين إلى جامعة «المستنصرية» للإطلاع على البحوث العلمية للطلبة وغيرهم..
وفيما بعد أي عقب سنوات منذ ٢٠٠٣ إتضح بأن كل شيء كان معدا مسبقا، عبارة عن سيناريو مركب بإحكام وإمعان لإسقاط بلد بأكمله وإدخاله في حرب لا تبقي ولا تذر ولدت كل هذا الزخم اليومي من «داعش» وغيره هكذا سارت الأوضاع في هذا البلد.. وإن إنتهت هذه المهمة جزئيا فإنهم بصدد البحث عن أماكن أخرى لكن هذه المرة لن تكون سهلة عليهم بعد إنكشاف أمرهم في أفغانستان، الصومال والعراق.