بعد تجربة ربع قرن، من الممارسة الإعلامية الحرة، والتي خاضتها أقلام شاركت في الانفتاح الديمقراطي خلال سنوات التسعينيات، تبقى هذه التجربة ـ رغم ما قيل ويقال عنها ـ «هشة» تبحث عن العودة إلى الأصول المهنية والأخلاقية بعيدا عن كل تهويل وتحريف للواقع.
فاليوم، ونحن نحيي اليوم الوطني للصحافة، مع زملاء مهنة المتاعب وقراء أوفياء، نعيد طرح سؤال ملح: متى نعيد الاعتبار لهذه المهنة شكلا ومضمونا وفقا للقواعد والأصول وهذا رغم ما أصابها من هزال عن قصد أو غير قصد ؟
سؤال، يبقى مطروحا على رجال المهنة، يبحث عن إجابة، قصد تخليص المهنة من اللامهنية المتصفة بالارتجال والبحث عن الوصول إلى القارئ من خلال الإثارة التي تبعده عن الاهتمام بالواقع بكل سلبياته ومميزاته .
إن البحث عن هذه المهنية شبه المفقودة، ليس اليوم بالعملية المستحيلة، فصورها تتجلى بالخصوص في تاريخ مؤسسات الإعلام الوطني منذ الاستقلال، حيث لم تبخل تلك المؤسسات ومنذ نشأتها وبأقلامها المتمرسة عن إرساء قواعد تحترم أصول المهنة وحق المواطن في إعلام شفاف، موضوعي ونزيه، وهذا رغم فقدان بريقها في مرحلة كانت أحوج إلى الدعم والمساندة من القارئ الذي فقد الأمل في مصداقية مؤسساته.
إن المؤسسات الإعلامية الوطنية وبكل أطيافها « سمعية، مرئية و مكتوبة » مدعوة اليوم، إلى التموقع من جديد داخل إطار يطبق ويحترم أصول المهنة، خاصة ونحن نعيش حربا إعلامية مخططة في ظل عولمة عشواء تبحث بشتى الوسائل والطرق التسلل إلى الأوطان للقضاء على ثقافة الآخر و مسخ الهوية الوطنية، كما أن القارئ مدعو هو الآخر للوفاء لوسائل إعلامه البناءة، فثقافة الوفاء هي الحلقة التي افتقدناها ونبحث اليوم عن من يعيد زرعها من جديد.