الحديث عن الكتاب وعالم الإصدار والنشر في الجزائر، يجبرنا للولوج إلى هذا القصر العاجية جدرانه، بدون إذن، لأن صفحات الكتب لا تفتح إلا لقرائها وزائريها، لننظر أكثر ونتمعن في خبايا وأروقة هذا العالم الذي يخفي الكثير من التفاصيل التي مازالت لم تظهر لعامة الناس.
بالرغم من تزايد أعداد هذه الدور، إلا أنها لم تكن تفي الغرض المطلوب منها، خاصة في ظل تباين توجهات البعض منها وتخصصها في نوعية من الإصدارات دون غيرها من المواضيع الأخرى، لكن ما يسجل عند بعض هذه المؤسسات التي تهتم بعالم الإصدارات والنشر، أنها لا تمتلك لجان قراءة، ولا لجان متابعة هذه النصوص من حيث المضمون الذي لا يستحق أن يكون على رفوف المكتبات، في ظل ما تعرفه المنافسة العربية والغربية من إصدارات استطاعت فعلا أن تثبت جدارتها واحتلالها الصدارة.
ينتظر من وزارة الثقافة اليوم إعادة النظر في هذه الدور، التي تسيء إلى عالم الكتاب أكثر من أن تكون داعمة له، ولا يجب أن تكون نظرتها تحمل الشق المادي ونسيان المضمون الفني والعلمي والأدبي وكذلك الجمالي، لأن هذا الأخير هو صورة أدبنا بين الشعوب والأمم، وبالتالي لا يمكن خوض غمار منافسة غير شريفة يكون الكتاب الضحية الأولى فيها.
لكن هذا الأمر لا يمنع القول أن الكثير من الإصدارات التي بدأت تظهر مؤخرا تحترم فيها المعايير العالمية في صناعة الكتاب، وهي بذلك قيمة مضافة لثقافتنا الوطنية من دون شك.
وما يمنع القول أن دور الرقابة في هذا الشق مهم جدا، خاصة مع تزايد عدد الناشرين الهواة، ونقص الخبرة والتجربة والتعامل مع النصوص على أساس أنها قيمة أدبية وإبداعية من ضمير الأمة، ومن الثقافة الوطنية التي يجب أن تثمن بشكل أو بأخر، ما يعرقل مسيرة التنظيم ككل أو مهنة صناعة الكتاب في الجزائر، لأن المهنية والاحترافية تضيفان الجديد إلى صاحبها، لا أن تعرقلا مساره وتدفعانه نحو المغامرة التي تنتهي في الكثير من الأحيان بانتحار الكاتب.