وجهان لعملة واحدة

فنيدس بن بلة
15 أكتوير 2016

مرة أخرى ترافع الجزائر من أجل تعزيز الأمن الإفريقي وتجاوز الخطاب السياسي، إلى التجسيد العملي للتوصيات والقرارات، مؤكدة أن هذا هو الرهان الممكن لاستقلال القرار القاري والسيادة التي دفع في سبيلها القادة، منذ ما يقارب ستين سنة، الغالي والنفيس، رافضين أية مساومة أو تنازل مهما كانت التهديدات والضغوطات.
بعد المعارك الدبلوماسية التي خاضتها الجزائر عبر أكثر من منبر وقمة ونجاحها في انتزاع اعتراف العالم قاطبة بجدوى تجريم دفع الفدية وجر أعضاء المجتمع الدولي للالتزام بها وتجاوز الكيل بالمكيالين، وسّعت الجزائر دائرة جهودها إلى السلامة البحرية وما تشمله من مواجهة القرصنة المتمادية في وضح النهار واستغلال الثروة بعيدا عن نهب الشركات متعددة الجنسيات.
ظهر هذا جليا في مداخلة الوزير الأول عبد المالك سلال، بصفته ممثل رئيس الجمهورية في القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي بالعاصمة الطوغولية لومي. ظهر هذا كذلك في المحادثات التي أجراها سلال مع مختلف القادة الأفارقة الذين أشادوا، كعادتهم، بدور الجزائر المحوري في مسار استكمال التحرر القاري وتعزيز السيادة القارية. وهي سيادة تكسب قوتها وقيمتها من بسط دول الاتحاد الإفريقي نفوذها على الثروات البحرية التي تبقى بلا استغلال عقلاني.
أكبر عمل ينتظر من الأفارقة، وفق المقاربة الجزائرية، إحداث التنسيق التشريعي الإفريقي وتوحيد الرؤى والنظرة الاستشرافية التي تضع حواجز مانعة أمام أي تهديد لأمن التجارة البحرية وخطوطها التي تطالها هجمات قراصنة واعتداءات عصابات ترتكب جرائم منظمة في تصاعد دائم، شجعها غياب جبهة إفريقية موحدة تضع في الحسبان التهديد القائم ولا تبالي بالتحذيرات مطبقة قاعدة “تخطي راسي”.
حدثت اعتداءات متكررة، بالواجهتين البحريتين الغربية والشرقية للقارة السمراء، خاصة بعرض الساحلين الصومالي واليمني، حيث الاضطرابات السياسية مستمرة وتكررت أكثر من مرة، إلى درجة باتت هذه الجرائم المنظمة لعصابات تتكاثر وتنمو كالفقاع، خطرا يهدد الأمن الإفريقي ويضربه في عمقه ويلوح بتدخل الأساطيل الأجنبية التي باتت تتحرك لحماية خطوط تجارتها وتأمينها وهو ما يمس بالسيادة الإفريقية.
لم يعد الوضع يحتمل بالنسبة للجزائر التي ترافع دوما من أجل الخيار الإفريقي الموحد والرؤية القارية لتولي القارة بنفسها الدفاع عن مصالحها. وهي مصالح تتعزز بالقرار الذي يصب في ضمان الأمن البحري والتنمية بصفتهما وجهين لعملة واحدة والقلب النابض للاستراتيجية القارية المندمجة الممتدة إلى أفق 2050. وهي استراتيجية تشكل السلامة البحرية أولى منطلقاتها على الإطلاق، وتوصيات قمة لومي المثال الحي.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024