ماذا حدث؟ أو بعبارة أكثر شوفينية لماذا يحدث هذا الآن؟ من المستفيد وراء كل هذا التجريح والتهويل والتمادي في كشف المستور والخوض في الفضائح، حتى وإن كان ذلك أمرا لا يعني لنا الكثير، إلا أن حيزا مهما من تاريخنا الوطني أسيئ إليه، بنية أو من غير قصد، ما يعني أن السكة لم تعد تطيق ثقل القاطرة، وبدأت أجيال المدرسة الإصلاحية والتسعينية في الجزائر تشكك في كل شيء صنعه الأوائل بدمائهم وتضحياتهم، وليس بالسهولة بمكان أن يسقط كل هذا الإرث المجيد من ذاكرة أجيال، الأمر الذي كنا نخشاه، ولم نقم له حسابا، ما يهدد لحمتنا الوطنية ويعيق مسارنا السياسي الوطني.
ما كنت أود طرحه.. علني أجد له تفسيرا يشفي تساؤلاتي، أو يضع حدا لتلك التأويلات التي لا تزال تراوح مخيلتي، وتقبض أنفاسي.. كما تستفز أنفاس الشرفاء والخيرين من أبناء الوطن، تصريحات طغت على المشهد السياسي تحولت من صراعات تسابقية داخل السرب الواحد إلى تقاذفات تنصلت من الحكمة والاحترام، لم تجد أمامها سوى السب والشتم والقذف أقامت الدنيا ولم تقعدها، تجاوزت حدود اللباقة والحديث ودخلت في معترك لا يبقي ولا يذر.
في كل يوم تطلع علينا ملاسنات تعدت القذف والشتم، بل ذهبت إلى حد التشكيك في ماضي الآخرين والنبش في تاريخ بعضهم البعض، وكأن الأمر هين كان يستحق أن يصمت عليه طوال هذه السنوات، خاصة أنه تعلق بماض وتاريخ وطن هو أكبر من كل الصراعات المتنازع حولها، حتى وإن كانت حقيقة فهل هو الظرف الملائم لطرح مثل هذه النقاشات.
لم تقتصر التجريحات على شخص دون غيره، بل تعدت إلى أن وصلت وجوها تاريخية كنا نعدهم من صناع التاريخ وبطولات الوطن منذ أكثر من نصف قرن، وليس بالسهولة بمكان أن يحذف كل هذا المسار التاريخي.
في الأخير.. وليس أخيرا يبقى الحديث عن استرجاع جماجم أبطال المقاومة الجزائرية من الضفة الأخرى تغريدة.. لاهي شرقية ولا بالغربية، وإن كان الأصل فيها هو الفصل لا غير فإن إعادة دفنها واجب مقدس شريعته أمانة الشهداء.