مما لاشك فيه أن الثقافة المتحفية في الجزائر مازالت لم تبلغ النضج السياحي والترفيهي المنتظر منها.. ولم تصل مستواها الحقيقي في استقطاب العدد الهائل من السياح، إذ يتطلب الأمر خلق تقاليد تقوم عليها هذه التفاصيل بشقيها الثقافي والاقتصادي.
صحيح الجزائر متحف مفتوح على الطبيعة بكل ما تحمله الكلمة من معاني، لكن هذه النافذة المفتوحة لم تكن في مستوى متطلبات الجمهور وبقيت رسالتها الثقافية الترويجية حبيسة الغلق ونظام الدوام الذي تعاني منه غالب هذه المنشآت الثقافية، عكس ما هي عليه المتاحف في باقي الدول والأقطار.
إن اعتبارا المسؤولية ليست واحدة لكنها بالغة الأهمية، فالعالم اليوم خرج من نمطية المتاحف الكلاسيكية إلى زيارة المتاحف الافتراضية والتجول عبرها رغم بعد القارات بملايين الكيلومترات.
إن ترسيخ التقاليد في المجتمع وجعلها ملازمة لأيّ زائر مهما كان، هي في الحقيقة إلزامية في كل الظروف، باعتبارها منشأة فنية وليست إدارية أو مصلحة اجتماعية مرتبطة بالعامل الزمني، لذلك إعداد بطاقية وطنية لهذا الغرض توفر المعلومات والمواقيت والأهمية لكل متحف، هو عمل لا يقل شأنا عن السياسة الثقافية التي تبنّتها وزارة الثقافة مؤخرا بإخراج المتاحف من مفهومها الضيق إلى عالمها الرحب الغابر في ملايين الساعات والحامل لأساطير الحضارات العتيقة.
هذا الامتداد الضارب في التاريخ له دلالاته وآلياته التي يعتمد عليها انطلاقا من تقديم الحفريات والنقود أو الشخوص والحجارة والمنمنمات وغيرها من الكنوز الكثيرة التي تؤرخ إلى ماضي هذه المجتمعات.
نستقرئ فيها الحقب السالفة ونعيد الشواهد إلى مقاماتها حتى نستشعر حاضرهم القريب وللمساهمة في خلق ثروة ومورد مالي لهذه المتاحف، علينا بإعادة السياسة المتحفية إلى قوامها السليم، باعتبارها ثروة لامادية تراهن على اقتصادنا لا ينفث.